للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكره في الإيضاح أيضًا أن من اشترى ثوبًا بعشرة خلاف نقد البلد فباعه بربح درهم، فالعشرة مثل ما نقد، والربح من نقد البلد إذا أطلقه؛ لأن مثل الثمن الأول متعين (١) في العقد الثاني، والربح مطلق فينصرف (٢) الربح إلى نقد البلد، فإن نسب الربح إلى رأس المال فقال اتبعك (٣) بربح العشرة أو ده يازده، فالربح (٤) من جنس الثمن؛ لأنه عرفه بالنسبة إليه فكان على صفته (٥).

ثم اعلم أن من باع المتاع مرابحة كان الثمن هو الذي ملك المبيع به بالذكر دون ما نقده، بيانه أنه إذا اشترى ثوبًا بعشرة فأعطي بها دينارًا أو ثوبًا فرأس المال العشرة؛ لأنها هي الثمن، والدينار ملك (٦) معقد (٧) آخر فلم يعتبر.

ولا نقول: اشتريته بكذا كيلا يكون كاذبًا، فإنه ما اشتراه بذلك، وإذا قال: قام علي بكذا فهو صادق في ذلك؛ لأن الشيء إنما يقوم عليه بما يغرم فيه، وقد غرم فيه القدر المسمّى.

فإن قلت: هل تجد في مسائل المرابحة صورة لا يصح أن يقول فيها: اشتريته بكذا، ولا يصح أيضًا فيها أن يقول: قام علي بكذا، ومع ذلك يصح بيع المرابحة.

قلت: نعم، وهي مسألة البيع بالرقم، فإنه إذا اشترى الرجل متاعًا ثم رقمه بأكثر من ثمنه، ثم باعه مرابحة على رقمه فهو جائز، ولكن لا ينبغي أن يقول (٨): قام علي بكذا، ولا اشتريته بذلك، فإن ذلك كذب، والكذب لا رخصة فيه، ولكن يقول: رقمه كذا، فأنا أبيعه مرابحة على ذلك، كذا في المبسوط (٩).

وسوق الغنم بمنزلة الحمل، وأما الرقيق فله أن يلحقهم [أن يلحق بهم] طعامهم وكسوتهم بالمعروف، ثم يقول: قاموا علي بكذا للعرف الظاهر في ذلك.

بخلاف (١٠) أجر التعليم فإنه إذا أنفق على عبده في تعلم عمل من الأعمال دراهم لم يلحقها برأس المال؛ لأنه ليس فيه عرف ظاهر، وكذلك الشعر والغناء والعربية وأجر تعليم القرآن والحساب، حتى لو كان في شيء من ذلك عرف ظاهر في موضع بإلحاقه برأس المال كان له أن يلحقه.


(١) في (ع): يتعين.
(٢) في (ع): فيصرف.
(٣) في (ع): أبيعك.
(٤) في (ع): والربح.
(٥) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين، أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي، الناشر: دار الكتب العلمية، الطبعة: الثانية، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م (٥/ ٢٢٢).
(٦) في (ع): ملكه.
(٧) في (ع): بعقد.
(٨) في (ع): يقوم.
(٩) المبسوط (١٣/ ٩١).
(١٠) في (ع): وبخلاف.