للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن زيادة المالية باعتبار معنى في المتعلم وهو الذهن والذكاء لا بما أنفق على المعلم، فلم يكن ما أنفق موجبًا زيادة في مالية العين بل ذهنه هو الذي أوجب، وعلى هذا أجر الطبيب والرايض (١) (٢) والبيطار (٣) والراعي وجعل الآبق والحجام والختان لا يلحق شيء من ذلك برأس المال لما قلنا (٤).

وأما أجر سائق الغنم الذي يسوقها من بلد إلى بلد يلحق برأس المال؛ للعرف الظاهر فيه، ولأن هذا بمنزلة الكراء (٥) فيما له حمل (٦) ومؤنة، وكذا أجرة السمسار، فقد (٧) جرى العرف بإلحاقها برأس المال، فهو كأجر القصّار، وأجر الراعي ليس نظير أجر السائق للغنم؛ لأن الراعي لا يستحق الأجر بالفعل ولا بعمل الرعي بل بحفظ الغنم، فهو (٨) كأجر البيت الذي يحفظ فيه الغنم.

وكذلك جعل الآبق ليس نظير أجر سائق (٩) الغنم؛ لأن الإباق نادر، وفي إلحاق شيء برأس المال المعتبر العرف الظاهر، وذلك لا يوجد في النادر، كذا في المبسوط (١٠).

وأجرة السمسار بضم (١١) إن كانت مشروطة في العقد بالإجماع (١٢)، وإن لم يكن (١٣) مشروطة بأن كان مرسومة أكثر المشايخه (١٤) على أنها لا تضم، ومنهم من قال تضم.

ولا يضم أجرة الدلال بالإجماع، بخلاف أجرة السمسار والباج الذي يؤخذ في الطريق لا يلحق برأس المال، قال رحمه الله: لو كان في موضع جرت العادة فيما بين التجار بإلحاقه برأس المال يلحق به أيضًا، وما عمل بيده من قصادة أو خياطة أو ما أشبه ذلك من الأعمال لا يضمه (١٥) إلى رأس المال (١٦).


(١) في (ع): والرابض.
(٢) الرَّائضُ: الذي يروض الخيل. شمس العلوم (٤/ ٢٦٧٥).
(٣) البَيْطَار: الذي يعالج الدواب. وهو البَيْطَر، بحذف الألف. شمس العلوم (١/ ٥٥٨).
(٤) انظر: العناية شرح الهداية (٦/ ٤٩٩).
(٥) الكِراء: أجرةُ المستأجر وهو في الأصل مصدر من كارَيْتُه. التعريفات الفقهية (١/ ١٨١).
(٦) الحِمْل بالكسر ما يحمل على الظهر ونحوه والجمع أَحْمَال وحُمُول. المصباح المنير (١/ ١٥١).
(٧) في (ع): وقد.
(٨) في (ع): وهو.
(٩) في (ع): سابق.
(١٠) المبسوط (١٣/ ٨٣).
(١١) في (ع): تضم.
(١٢) أ جرة السمسار في إضافتها روايتان: الأولى: أنها تضم، وهو ظاهر الرواية. الثاني: أنها لا تضم؛ لأنها لا تزيد في عين السلعة، ولا في قيمتها. الفتاوى الهندية (٣/ ١٦٢).
(١٣) في (ع): تكن.
(١٤) في (ع): المشايخ.
(١٥) في (ع): يضمنه.
(١٦) المحيط البرهاني لأبي المعالي برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مَازَةَ البخاري الحنفي، المحقق: عبد الكريم سامي الجندي، الناشر: دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م (٧/ ١١).