للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر صدر الإسلام في الجامع الصغير (١) فقال: رجل اشترى من رجل غلامًا بألف درهم نسبة (٢) فباعه بربح درهم ولم يبين إلى آخره.

ثم قال: وهذا يدل على أنه ليس له أن يبيعه مرابحة ما لم يبين، وإنما كان هذا هكذا؛ لأن الدين المؤجل في معنى التأوي (٣)، ولهذا المعنى إذا شهد شاهدان على رجل بتأجيل الدين وقضى القاضي بذلك ثم رجعا يضمنان ذلك الدين؛ لأن الدين المؤجل غير منتفع به فيصير من وجه كأنه ملك هذا الشيء بلا ثمن فلا يكون له أن يبيعه مرابحة، ولأن المشتري لو علم بذلك عسى لا يرضى بشرائه بذلك الثمن الذي اشتراه بايعه فضلًا من المرابحة، فلا يجوز البيع ما لم يبين؛ لأن للأجل شبهًا بالمبيع.

ألا ترى أنّه يزاد (٤) في الثمن لأجل الأجل.

فإن قلت: وهذا لا (٥) يكفي لوجوب البيان، فإن التجار يشترون الغلام الذي هو سليم الأعضاء بأزيد في الثمن من الغلام الذي هو ناقص الأعضاء، ومع ذلك إذا فاتت أعضاؤه بآفة سماوية في يد المشتري لم يجب عليه البيان في بيع المرابحة بأنه كان سليم الأطراف حين اشتراه على ما ذكر آنفًا.

فقال: ومن اشترى جارية فاعورت بيعها مرابحة ولا يبين، ولا شك أنها إذا لم (يعور بزيد) (٦) التجار في ثمنها من الثمن الذي يشترونها به في وقت الاعورار.

قلت: (لا كلام) (٧) في زيادة الثمن باتفاق الحال من غير شرط، وفي سليم (٨) الأعضاء إنما يزاد الثمن بهذا الطريق، أعني من غير شرط، فإنهم لا يقولون: زدت هذا [على] (٩) المقدار من الثمن؛ لسلامة (١٠) يده أو رجله أو عينه، (أما يقولون إن أجلتني) (١١) بكذا من المدة في ثمنه فأنا أيضًا أزيد من ثمنه بهذا المقدار فيثبت زيادة الثمن في الأجل بالشرط، ولا يثبت ذلك في سلامة الأعضاء.


(١) الجامع الصغير هو من تأليف: أبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني (المتوفى: ١٨٩ هـ)، ولأهمية الكتاب قام العديد من الأحناف بشرحه وترتيبه ومن هؤلاء الذين شرحوه: صدر الإسلام البزدوي (المتوفى ٤٩٣ هـ). انظر: تحقيق كتاب شرح الجامع الصغير من أول كتاب الحدود إلى نهاية كتاب البيوع، دراسة وتحقيقًا، رسالة ماجستير أعدتها: نادية بنت هشام اللحيان، جامعة أم القرى، كلية الشريعة الدراسات الإسلامية، قسم الفقه وأصوله، للعام ١٤٢٩ - ١٤٣٠ هـ.
(٢) في) ع): نسيئة.
(٣) في) ع): التأويل.
(٤) في) ع): يزداد.
(٥) في) ع): أن.
(٦) في) ع): تعور يزيد.
(٧) في) ع): الكلام.
(٨) في) ع): السليم.
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من) ع).
(١٠) في) ع): بسلامة.
(١١) في) ع): إنا لا نقول أن رجلين.