للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والأصل فيما يجوز تصرّفه قبل القبض وما لا يجوز هو أن كل عوض ملك بعقد ينفسخ العقد فيه بهلاكه قبل القبض لم يجز التصرف فيه؛ كالبيع والأجرة وبدل الصلح إذا كان معينًا، وما لا ينفسخ العقد فيه بهلاكه فالتصرف فيه جائز قبل القبض؛ كالمهر وبدل الخلع والعتق على مال وبدل الصلح عن دم العمد (١)، وكان الفقه فيه أن المطلق للتصرف هو الملك وقد وجد، لكن الاحتراز عن الغرر واجب ما أمكن، فإذا كان يتوهم غرر الانفساخ بهلاك المعقود عليه لم يجز بناء عقد آخر عليه، وإذا لم يتوهم غرر (٢) الانفساخ انتفى المانع، فجاز العقد، ولهذا (٣) المعنى جوّز أبو حنيفة -رضي الله عنه- (٤).

وما لا يجوز بيعه قبل القبض فكذلك إجارته؛ لأن صحة (٥) الإجارة بملك الرقبة، فإذا ملك التصرف في الرقبة -وهي الأصل- ملك في البائع (٦) وما لا فلا، كذا في الإيضاح.

والإجارة قيل على هذا الاختلاف، وقبل (٧) أنّه لا يجوز بلا خلاف، وهو الصحيح؛ لأن المنافع بمنزلة المفعول (٨) والإجارة تمليك (٩) المنافع فيمتنع جوازها لذلك، كذا في الفوائد الظهيرية (١٠).

ومن اشترى مكيلاً كالحنطة (١١) والشعير مكايلة، أي بشرط الكيل بأن قال: اشتريت هذا الطعام على أنه عشرة أقفزة (١٢)، أو موزونًا كالحديد والذهب موازنة، أي بشرط الوزن بأن قال: اشتريت هذا الحديد على أنه عشرة أمناء وقبضه، لا يجوز له أن يتصرف فيه قبل الكيل أو الوزن؛ لنهي النبي -عليه السلام- «عن بيع الطعام … الحديث» (١٣).

ثم قال: ومن اشترى مكيلاً، مكايلة قيود بها يقع الاحتراز عن مسائل أخَر (١٤).

قيّد بالاشتراء؛ لأنه إذا ملك مكيلًا أو موزونًا بهبة أو ميراث أو وصية جاز لمن ملك أن يتصرف فيه قبل القبض وقبل الكيل.

وقيّد بكون المكيل أو (١٥) الموزون مبيعًا حتى قال: ومن اشترى مكيلاً فإنه إذا كان ثمنًا يجوز التصرف فيه، وإن كان معينًا عندنا، على ما يجيء متصلًا بهذه المسألة.


(١) في (ع): العقد.
(٢) في (ع): عقد.
(٣) في (ع): وبهذا.
(٤) المغني لابن قدامة (٤/ ٨٧).
(٥) في (ع): بصحة.
(٦) في (ع): البيع.
(٧) في (ع): قيل.
(٨) في (ع): المنقول.
(٩) في (ع): بتمليك.
(١٠) فتح القدير (٦/ ٥١٥).
(١١) الحنطة: القمح، جمع: حنط. المعجم الوسيط (١/ ٢٠٢).
(١٢) في (ع): العشرة.
(١٣) تقدم.
(١٤) العناية شرح الهداية (٦/ ٥١٥).
(١٥) في (ع): و.