للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمراد بالمماثلة: المماثلة من حيث الكيل في المكيلات، ومن حيث الوزن في الموزونات.

[ومعنى قوله: علة الربا القدر والجنس علة وجوب للسيادات التي يلزم عند كون الربا أو علة كون المال ربوياً أو علة حرمة الفضل]؛ بدلالة ما يروى فيه بروايات أخر: كيلًا بكيل، [أو] (١): وزنًا بوزن (٢)، مكان قوله: مثلًا بمثل، وكذلك ليس المراد (من المماثلة) (٣) من حيث الصفة؛ بدلالة حديث عبادة بن الصامت قال: جيدها ورديها سواء (٤)، وكذلك في حديثه أيضًا: تبره وعينه سواء (٥)، وهذا تنصيص على أن المراد من المماثلة من حيث الكيل والوزن دون الصفة، وكلام رسول الله -عليه السلام- يفسر بعضه بعضًا.

ثم معنى قوله -عليه السلام-: «الحنطة بالحنطة» (٦) أي بيعوا الحنطة بالحنطة، وذلك لأن (الباء كلمة) (٧) إلصاق دخلت على الاسم، فيقتضي إضمار الفعل لا محالة، كقولنا: بسم الله [الرحمن الرحيم] (٨)، وذلك الفعل المضمر على تقدير رواية الرفع: بيع الحنطة بالحنطة، وعلى تقدير النصب: بيعوا، ثم الدليل على إضمار بيعوا قوله -عليه السلام- في حديث آخر: «لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء» (٩)، والنهي عن الشيء أمر بضده، والأمر للوجوب، والبيع في نفسه مباح لا يأثم تاركه، فلا بد من صرف الأمر إلى معنى يتحقق به الوجوب، وهو وجوب التسوية؛ بدلالة قوله: إلا سواء بسواء، أو بدلالة قوله: [إلا] (١٠) مثلًا بمثل.

وقد ذكرنا أن المراد بالمثل لقدر (١١)، فكم من شيء يكون مباحًا في نفسه ولكن يكون واجب الرعاية في صفته وقت مباشرة ذلك الفعل المباح (١٢)؛ كالنكاح، فإنه أمر مباح في نفسه، ولكن عند مباشرته يلزم إحضار الشهود، وكصلاة (١٣) النافلة (١٤) أمر مندوب في نفسها، ولكن عند الإقدام عليها يجب على من أقدم استحضار ما تصح به الصلاة من شروطها حسب وجوبه في صلاة الفرض.


(١) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٢) أخرجه أحمد (٧١٧١)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.
(٣) في (ت): بالمماثلة المماثلة.
(٤) هذا اللفظ غير محفوظ، ولكن معناه في حديث بيع التمر الجمع بالجنيب الذي أخرجه البخاري في كتاب البيوع - باب إذا أراد بيع تمر بتمر (٢٢٠١)، ومسلم في كتاب المساقاة - باب بيع الطعام مثلًا بمثل (١٥٩٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب البيوع - باب في الصرف (٣٣٤٩)، وصححه الألباني.
(٦) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة - باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا (١٥٨٨).
(٧) في (ت): وكلمة الباء كلمة.
(٨) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٩) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة - باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا (١٥٨٧)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) في (ت): القدر.
(١٢) المباح: كل فعل مأذون فيه لفاعله، لا ثواب له في فعله، ولا عقاب في تركه. ينظر: (العدة في أصول الفقه ١/ ١٦٧).
(١٣) في (ت): كصلاة.
(١٤) النَّافِلَةُ في الصلاة زيادة على الفريضة و الجمع (نَوَافِلُ). المصباح المنير (٢/ ٦١٩).