للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الدفع شبهة ترد على جعله الطعم والثمنية علة بأن يقال: كما أن الطعم والثمنية موجودان في هذه الأشياء الستة فالجنسية أيضًا موجودة، وكما أن [دوران] (١) حكم الربا موجود مع الطعم والثمنية على أصلك، فكذلك (٢) دوران حكم الربا أيضًا موجود مع الجنسية في هذه الأشياء، فلم لم تجعل الجنسية علة كما جعلها خصومك أحد وصفي علة الربا مع مشاركة الجنسية للطعم والثمنية فيما لها من وجودهما في هذه الأشياء، ودوران حكم الربا معهما.

فأجاب عنه بهذا وقال: نعم كذلك، إلا أن العلية للوصف الذي له أثر في استجلاب ذلك الحكم لا بمجرد الدوران؛ لأن الحكم قد يدور مع الشرط كالرجم بدون الإحصان (٣) في الزنا، مع أن الزنا علة، والإحصان شرط، وإنما الاعتبار للتأثير، وقد وجدت التأثير للطعم والثمنية لا للجنسية، فلذلك جعلتهما علة لا الجنسية.

إلى هذا أشار في المبسوط (٤) في تقرير قوله فقال: ثم ههنا المعنى الذي تنبئ عن الخطر في الذهب والفضة الثم؛ نية لأنهما خلفا لذلك، وبالثمنية (٥) حياة الأموال، والمعنى الذي ينبئ عن زيادة الخطر في الأشياء الأربعاء الطعم؛ لأن بالطعم حياة النفوس فعرفنا أن العلة الموجبة لهذين الشرطين وهما المساواة واليد باليد [مع] (٦) الطعم والثمنية.

فلذلك جعلنا الجنسية شرطًا لا علة؛ لأن الحكم يدور مع الشرط وجودًا وعدمًا كما يدور مع العلة.

لكن الفرق بينهما بالتأثير، وإذا لم يكن في الجنسية ما ينبئ عن زيادة الخطر ولا يثبت الحكم إلا عند وجوده جعلناه شرطًا لا علة.

أنه أوجب المماثلة شرطًا، أي الحديث أوجب المماثلة شرطًا؛ لما ذكرنا أن تقدير قوله -عليه السلام-: «مثل بمثل» (٧) أي مماثلًا بمماثل، فكان منصوبًا على الحال، والأحوال شروط كما في قوله: أنت طالق إذا دخلت راكبة، لا تطلق إذا دخلت غير راكبة.

وهو المقصود بسوقه، أي والمماثلة هي المقصودة بسوق الحديث، لكن ذكر الضمير الراجع إلى المماثلة ههنا؛ لأنه مبتدأ فاتصف بصفة خبره وهو المقصود.


(١) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٢) في (ت): فلذلك.
(٣) الإحصان: هو أن يكون الرجل عاقلاً بالغاً مسلماً دخل بامرأة بالغة عاقلة حرةٍ مسلمة بنكاح صحيح. التعريفات الفقهية (١/ ١٩).
(٤) المبسوط (١٢/ ١١٥).
(٥) في (ت): والثمنية.
(٦) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٧) أخرجه مسلم في كتاب المساقاة - باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا (١٥٨٧).