للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إذ هو ينبئ عن التقابل، أي البيع ينبئ عن التقابل؛ لأن البيع مقابلة المال بالمال.

وذلك، أي التقابل يحصل بالتماثل؛ لأنه لو كان أحدهما أنقص من (١) الآخر لا يحصل التقابل من كل وجه؛ فيكون (٢) المماثلة شرطًا؛ لأجل تحقيق معنى البيع الذي هو التقابل، أو صيانة لأموال الناس عن التّوى؛ لأن أحد البدلين لو كان أنقص من الآخر ومع ذلك تبادلا كان فيه إضاعة فضل مال من له (٣) فضل في ماله، فلذلك كانت المماثلة شرطًا لصيانة الأموال عن التّوى.

أو تتميمًا للفائدة باتصال [التسليم] به، أي بالتماثل، يعني في الذهب والفضة اشترط التماثل بالقبض، فإنهما لا يتعينان بالتعيين، فيحتاج إلى القبض؛ لتحقيق [معنى] (٤) المماثلة، فكان تتميم الفائدة فيه باتصال التسليم بالتماثل، أي بعد كون كل واحد منهما مثلًا للآخر يجب أن يتصل التسليم بالتماثل حتى يتم فائدة العقد.

ويحتمل أن يكون معناه عامًا في الأموال كلها، أي لو لم يكن كل واحد منهما مماثلًا للآخر لا يتم الفائدة بالقبض؛ لأنه إذا كان أحدهما أنقص يكون نفعًا (٥) في حق أحد المتعاقدين وضررًا في حق الآخر، وإذا كان مثلًا للآخر يكون نفعًا في حقهما، فتكون الفائدة وهي ثبوت الملك أتم بعد القبض؛ لأنه يكون نفعًا في حقهما جميعًا، بخلاف ما إذا كان أحدهما أنقص من الآخر.

ثم يلزم عند فوته، أي فوت الشرط وهو المماثلة.

والمعيار يسوي الذات، أي الصورة والجنسية يسوي المعنى، فإن كيلًا من بر يساوي كيلًا من در (٦) من حيث القدر والصورة، لا من حيث المعنى، وكذلك قفيز (٧) حنطة بقفيز شعير يتساويان صورة لا معنى.

ولا يعتبر الوصف فيه وهو أن يكون أحدهما أجود من الآخر، فإن الجودة ساقطة العبرة عند المقابلة بجنسها، وذكر في الإيضاح: فإذا استوى الذاتان صورة ومعنى تساويا في المالية، والفضل من حيث الجودة ساقطة العبرة في المكيلات والموزونات؛ [لأن التفاوت في ذلك نقل، وهذا يرجع إلى العرف، فإن الناس لا يعدون التفاوت في المكيلات والموزونات] إلا من باب اليسير، ولهذا صير لمعرفة (٨) قدر المالية إلى الكيل دون بيان الأوصاف.


(١) في (ت): عن.
(٢) في (ت): فتكون.
(٣) في (ت): ماله.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): بيعًا.
(٦) الدُّرُّ: عِظامُ اللؤلؤ، وهو معتدل في الحرارةِ والبُرودةِ واليُبْسِ والرطوبة، ينفع من خَفَقانِ القلبِ والفَزَعِ والحُزْنِ الحادِثِ من المِرَّةِ السوداء، ويُصفِّي الذهنَ ويجفف رطوباتِ العين. ويقال: إِن الدُّرَّ إِذا حُلَّ حتى يصيرَ ماءً وطُلي به البَرَصُ أذهبه في أول طَلْيَة. شمس العلوم (٤/ ١٩٨٩).
(٧) القَفِيزُ: مكيال وهو ثمانية مكاكيك، ويساوي اثني عشر صاعاً، والجمع أقفزة وقفزان. معجم الفقهاء (١/ ٤٤٣).
(٨) في (ت): معرفة.