للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم اعلم أن ههنا دقيقة وهي أن الحنطة أو سائر المكيلات يجوز بيعها (١) فيما دون نصف صاع بجنسها من غير اعتبار التسوية، فيما إذا كان كل واحد من البدلين لا يدخل تحت نصف الصاع، وأما إذا كان أحد البدلين (يبلغ حد) (٢) نصف الصاع والآخر (يبلغ حد) (٣) نصف الصاع أو أكثر فبيع أحدهما بالآخر لا يجوز، نص على هذا في المبسوط (٤)، وقال (٥): لو باع حفنة بقفيز لا يجوز، والفقه فيه هو أن سقوط قيمة الجوزة (٦) في الأموال الربوية باعتبار (شرط تحقيق) (٧) المساواة، وقد ذكرنا أن المساواة إنما تكون بالكيل الشرعي في المكيلات، فكانت المساواة حينئذ باعتبار الذات، ويظهر الفضل الخالي عند المقابلة، فيكون الواحد بالاثنين أو أكثر فيحرم، بخلاف الحفنة بالحفنتين، فإن كل واحد من البدلين ههنا تقابل الآخر في البيع من غير اعتبار القفيز وهو المسوي الشرعي بدون (٨) اعتباره للجودة قيمة، ولا (٩) يظهر الفضل الخالي عن (١٠) المقابلة، وإذا قوبل (١١) الحفنة بالحفنتين يجعل كان (١٢) الحفنة هي الجيدة تقابل بجودتها الحفنتين اللتين (١٣) هما دونها في الجودة فيتساويان في القيمة، وإن لم يتساويا في الذات فيجوز، وعنده [لا] (١٤) يجوز؛ لعدم الطعم والثمنية.

وأما لو تبايعا وزنيًا بوزني وهو مأكول أو مشروب؛ كالدهن والزيت والرب في الحل لا يجوز إلا وزنًا بوزن في قولهم جميعًا لكن باختلاف التخريج.

أما عندنا؛ فلوجود الوزن، وأما عند الشافعي؛ فلوجود (١٥) الطعم.

وإذا عدم الوصفان إلى أن قابل حل التفاضل.

فإن قيل: كيف أضاف وجود الحل إلى عدم الوصفين، والعدم ليس بشيء، ومثبت الحل والحرمة يجب أن يكون شيئًا، إذ إثبات العدم شيئًا من الأشياء محال عقلًا وشرعًا.

قلنا: الأصل في البياعات الإباحة على ما ذكرنا، والحظر إنما كان لمانع، فإذا عدم الحاظر من البيع أثبت الدليل الوجودي الذي هو الأصل في الإباحة إباحته، وهو قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (١٦)، لا أن العدم أثبت الحل، لكن أضيف الحكم إلى وقت انعدام الحاظر؛ لثبوت الحل عند فوت ثبوت الانعدام، كما لو حلف لا يكلم فلانًا إلى شهر، فمضى الشهر حل التكلم من غير حنث (١٧) باعتبار الإباحة الأصلية؛ لأن انعدام (١٨) الشهر أثبت (١٩) حل التكلم، ومع ذلك قد يضاف حل التكلم إلى انعدام الشهر بجواز، فكذا هنا، فصار تقدير قوله: وإذا عدم الوصفان حل التفاضل، أي إذا عدم الوصفان حينئذ جاء، وأن دليل الحل أن يعمل عمله.


(١) في (ت): بيعهما.
(٢) في (ت): يدخل تحت.
(٣) في (ت): يدخل تحت.
(٤) المبسوط (١٢/ ١١٩).
(٥) في (ت): وقالوا.
(٦) في (ت): الجودة.
(٧) في (ت): تحقيق شرط.
(٨) في (ت): وبدون.
(٩) في (ت): فلا.
(١٠) في (ت): عند.
(١١) في (ت): قوبلت.
(١٢) في (ت): كأن.
(١٣) في (ت): اللتان.
(١٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٥) في (ت): لوجود.
(١٦) [البقرة: ٢٧٥].
(١٧) الحنث: الذنب العظيم، ويقال: بلغ الغلام الحنث أي بلغ مبلغًا جرى عليه القلم في المعصية والطاعة. والحنث إذا لم يبر بيمينه، وقد حنث يحنث. ينظر: العين (٣/ ٢٠٦).
(١٨) في (ت): بانعدام.
(١٩) في (ت): ثبت.