للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي المبسوط (١): رد الوجه الأول من التعليل، ذكره في تفسير قول إبراهيم النخعي (٢) -رحمه الله- فقال:

وقوله لا يسلم ما يوزن فيما يوزن غير مجرى على ظاهره، بل المراد إذا كانا [متفقين] في المعنى بأن كانا مثمنين؛ كالزعفران مع القطن، فأما إذا كانا مختلفين في المعنى فذلك جايز، كما لو أسلم النقود في الزعفران أو الحديد أو القطن.

ثم قال: والعراقيون من مشايخنا يقولون: الجواز للحاجة؛ لأن رأس المال يكون من النقود عادة، والحاجة يمس إلى إسلامها في الموزونات والمكيلات جميعًا.

ولكن هذا كلام من يجوز تخصيص العلة (٣) الشرعية، ولسنا نقول به، بل نقول اتفاقهما (٤) في الوزن صورة لا معنى وحكمًا.

فإن الوزن في النقود ليس نظير الوزن في الزعفران، فإن الزعفران يوزن بالأمناء، ويكون مثمنًا يتعين في العقود، والنقد يوزن بالصنجات (٥) ويكون ثمنًا لا يتعين في العقد.

ومن حيث الحكم صفة الدين يلزم في الزعفران، حتى لو اشترى زعفرانًا بشرط الوزن ليس له أن يتصرف فيه قبل أن يزنه، فما كان هذا إلا نظير الموزون مع المكيل، فإنهما استويا من حيث أن كل واحد منهما مقدر صفته (٦).

ولكن لما اختلفا في المعنى والحكم جوّز إسلام أحدهما في الآخر، فكذلك النقود مع سائر الموزونات.

فلما علمنا ما هو المذكور في الكتابين [أي الإيضاح والمبسوط] حينًا إلى لفظ الكتاب، والنقود توزن بالصنجات، الصنجة: ستك ترازو، وصنجة الميزان (معد به) (٧)، ولا يقال: سنجة بالسين عن ابن السكيت (٨)، هكذا كان بخط الإمام تاج الدين الزرنوجي (٩) -رحمه الله-.


(١) المبسوط (١٢/ ١٢١).
(٢) إبراهيم بن زيد بن قيس بن الأسود، أبو عمران النخعي، من مذحج اليمن من أهل الكوفة، ومن كبار التابعين، أدرك بعض متأخري الصحابة، ومن كبار الفقهاء، قال عنه الصفدي: فقيه العراق، الطبقات الكبرى، لأبي عبد الله محمد بن سعد بن منيع الهاشمي بالولاء، البصري، البغدادي المعروف بابن سعد، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة: الأولى، ١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م، (٦/ ١٨٨ – ١٩٩)، الأَعْلَام للزركلي (١/ ٨٠).
(٣) في (ت): العلل.
(٤) في (ت): اختلافهما.
(٥) سَنْجَةُ الميزان معرب و الجمع (سَنَجَاتٌ) مثل سجدة وسجدات ويقال (صَنْجَةُ) الميزان بالصاد والسين أعرب وأفصح فهما لغتان. المصباح المنير (١/ ٢٩١).
(٦) في (ت): صورة.
(٧) في (ت): معربة.
(٨) يعقوب بن إسحاق، أبو يوسف، ابن السكيت: إمام في اللغة والأدب. أصله من خوزستان تعلم ببغداد. واتصل بالمتوكل العباسي، فعهد إليه بتأديب أولاده، وجعله في عداد ندمائه، ثم قتله، لسبب مجهول، من كتبه " إصلاح المنطق "، و " الألفاظ " و " الأضداد " و " القلب والإبدال ". وفيات الأعيان (٦/ ٣٩٦)، الأعلام (٨/ ١٩٥).
(٩) النعمان بن إبراهيم بن الخليل الزرنوجي، تاج الدين: أديب، من أهل بخارى. أصله من زرنوج له " الموضح " في شرح المقامات الحريرية. وتوفي ببخارى، يوم الجمعة عاشر المحرم، سنة أربعين وستمائة. تاج التراجم (١/ ٣١١)، الأعلام (٨/ ٣٥).