للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكذلك لو باع فلسين بأعيانهما بفلس آخر بغير عينه؛ لأنه لو جاز لقبض المشتري الفلسين ثم دفع إليه أحدهما مكان ما استوجب في ذمته، فيبقى الآخر له بغير عوض.

أما إذا باع فلسًا بعينه بفلسين بأعيانهما، فيجوز في قول أبي يوسف، وهو قول أبي حنيفة -رحمهما الله-، (ولا يجوز في قول محمد) (١) -رحمه الله-.

وبهذا يتبين أن الفلس لا يتعين بالتعيين مادام رائجًا عند محمد -رحمه الله-، وعندهما يعين (٢) بالتعيين إذا قوبل بجنسه، حتى لو هلك أحدهما قبل القبض بطل العقد عندهما، فمحمد (٣) يقول: الفلوس الرائجة ثمن، والأثمان لا يتعين (٤) في العقود بالتعيين كالدراهم والدنانير.

ألا ترى أنها لو قوبلت بخلاف جنسها لم يتعين، حتى لو اشترى بفلوس معينة شيئًا فهلكت قبل التسليم لا يبطل العقد، ولو استبدل بها جاز، فكذلك إذا قوبلت بجنسها؛ لأن ما يتعين بالتعيين فالجنس وغير الجنس فيه سواء؛ كالمكيلات والموزونات، ولا ما يتعين فالجنس وغير الجنس فيه سواء؛ كالذهب والفضة.

وهما يقولان: (الفلوس وعددية) (٥) والعددي يتعين بالتعيين، ويجوز بيع الواحد منه بالاثنين، كما لو باع جوزة بجوزتين بأعيانهما، كذا في المبسوط (٦).

ولهما أن الثمنية (تثبت في حقهما) (٧) باصطلاحهما، والدليل على أن معنى الثمنية في الفلوس بالاصطلاح أنها ثمن الخسيس من الأشياء دون النفيس، وأنها تروح في بعض الأوقات دون البعض بخلاف الذهب والفضة، وإذا بطلت الثمنية يتعين بالتعيين.

فإن قيل (٨): إذا كسدت الفلوس باتفاق الكل لا يكون لنا (٩) باصطلاح المتعاقدين، فيجب أن لا يكون عروضًا أيضًا باصطلاح المتعاقدين؛ لأن اتفاق الكل على ثمنيتها سوى المتعاقدين [باقي] (١٠) بعد.

قلنا: الأصل أن تكون الفلوس عروضًا، فاصطلاحهما على الثمنية بعد الكساد كان على خلاف الأصل، فلا يجوز أن يكون ثمنًا باصطلاحهما؛ لوقوع اصطلاحهما على خلاف الأصل، وأما إذا اصطلحا على كونها عروضًا كان اصطلاحهما على وفاق الأصل، وهو كونها عروضًا فيجوز، وإن كان اتفاق من سواهما على الثمنية.

ولا يعود وزنيًا؛ لبقاء الاصطلاح على العدّ هذا جواب إشكال ذكره في المبسوط فقال:


(١) في (ت): وقال محمد لا يجوز.
(٢) في (ت): يتعين.
(٣) في (ت): ومحمد.
(٤) في (ت): تتعين.
(٥) في (ت): الفلوس عددية.
(٦) المبسوط (١٢/ ١٨٣).
(٧) في (ت): في حقهما تثبت.
(٨) في (ت): فإن قلت.
(٩) في (ت): ثمنًا.
(١٠) في (ت): باق.