للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أن حرمة النساء حرمة لشبهة الفضل لا ينتهي (١) إلى غاية، ولا ينتهي (٢) بالمسوّي بل يبقى (٣) إلى أن يبقى النساء، فكذلك ههنا يبقى (٤) حرمة بيع الحنطة بالدقيق؛ لعدم إمكان المساواة ما دام ذلك البيع باقيًا؛ لما أن هذه الحرمة حرمة شبهة الربا وهي لا تنتهي؛ لأن المجانسة باقية من وجه؛ لأن الدقيق بالطحن لم يوجد إلا تفريق الأجزاء، والمجتمع بالتفريق لا يصير شيئًا آخر، ولهذا بقي حرمة ربا الفضل بين الدقيق والحنطة.

ومن وجه زائلة؛ لأن اختلاف المجانسة إنما يثبت باختلاف الاسم والصورة واختلاف المعاني كما بين الحنطة والشعير، وههنا إن نظرنا إلى الاسم فالاسم قد زال فإنه لا يسمى حنطة، ولهذا قالوا: من وكل رجلًا بأن يشتري له حنطة فاشترى له دقيقًا فإنه لا يجوز، والصورة متبدلة، والمعاني مختلفة، فإن ما ينبغي من الحنطة لا ينبغي من الدقيق من التبذير واتخاذه هريسة وسويقًا، والمجانسة زالت من وجه وبقيت من وجه، وربا الفضل بين الحنطة والحنطة كانت ثابتًا قبل الطحن، ثم وقع الشك في أنه زال بالطحن، فمن حيث أن المجانسة قائمة من وجه لا يزول، ومن حيث أن المجانسة قد زالت يزول، فلا تزول الحرمة بالشك، وإذا ثبت الربا بينهما لم يثبت المخلص بالتساوي كيلًا في هذه الحالة؛ لأن الشرع إنما اعتبر التساوي بالكيل مخلصًا عن الحرمة حال قيام المجانسة من كل وجه، فإنه قال: الحنطة بالحنطة مثل بمثل كيل بكيل، كذا في مبسوط شيخ الإسلام -رحمه الله- (٥).

الاكتناز اكندة شدن مغر وخوشه وايجه بدان ماند.

يقال: اكتنز الشيء اكتنازاً أي اجتمع وامتلأ.

وقولهم: إجزاء الروث (٦) (متخلخلة) (٧)، أي في خلالها فرح لرخاوتها وكونها مجوفة غير مكتنزة، كذا في المغرب (٨).

و [يجوز] (٩) بيع الدقيق بالدقيق متساويًا كيلًا جائز.

وانتصاب متساويًا وكيلًا على أنهما حالان متداخلتان (١٠)؛ لأن العامل في متساويًا (لفظ بيع) (١١)، والعامل في كيلًا لفظ متساويًا، كقوله (١٢) تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)} [النصر: ٢]، ففي قوله: يدخلون العامل قوله: ورأيت، وفي أفواجًا يدخلون على هذا الطريق.


(١) في (ت): لا تنتهي.
(٢) في (ت): ولا تنتهي.
(٣) في (ت): تبقى.
(٤) في (ت): تبقى.
(٥) الأصل المعروف بالمبسوط (٥/ ٥٩).
(٦) في (ت): الثوب.
(٧) في (ت): متخلى له.
(٨) المغرب (١/ ١٥٣).
(٩) في (ت): يجوز.
(١٠) في (ت): متداخلان.
(١١) في (ت): اللفظ.
(١٢) في (ت): لقوله.