للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وإنما جاز البيع بينهما عند التساوي بالكيل؛ لأن المجانسة بينهما قائمة من كل وجه، والاتفاق في القدر ثابت، فبيان المجانسة ظاهر.

وأما بيان الاتفاق في القدر: أن الدقيق كيلي، فإن الناس اعتادوا بيعه كيلًا، ولهذا جاز السلم فيه كيلًا، ويجوز بيعه في الذمة كيلًا، وكذا يجوز استقراضه كيلًا.

وحكي عن الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل -رحمه الله- (١) أن بيع الدقيق بالدقيق إذا تساويا كيلًا إنما يجوز إذا كانا مكبوسين، كذا في الذخيرة (٢).

ولا يجوز بيع الدقيق بالمقلية، أي بالحنطة المقلية، وهي المشوية [يقال:] (٣) مقلية ومقلوة من قلى البر إذا شواه، يقلي والثانية (٤) من قلا يقلو.

وما ذكر من الطعن على محمد -رحمه الله- كان ينبغي أن يقول: حنطة مقلوة، وحنطة غير مقلوة لا مقلية جهل من الطاعن؛ لأنهما لغتان فصيحتان، إلى هذا أشار في المغرب (٥).

وعندهما يجوز، أي كيف ما كان متساويًا أو (٦) متفاضلًا بعد أن يكون يدًا بيد؛ لأنهما جنسان مختلفان، فإن الاسم مختلف والمقصود مختلف؛ لأنه يقصد بالدقيق اتحاد الخبز والقصايد (٧) والأطرية منه، ولا يحصل شيء من ذلك بالسويق، وإنما يلت بالسمن أو العسل فيؤكل كذلك، أو يشرب بالماء، وكان التفاوت بينهما في المقصود أظهر من التفاوت في الهروي و (٨) المروي من الثبات (٩).

وكذلك (لا يصير كل واحد منهما) (١٠) مثل صاحبه بحال، فالسويق (١١) لا يصير دقيقًا، والدقيق لا يصير سويقًا بحال، ثم اتحاد الأصل لا يمنع اختلاف الجنس باعتبار هذه المعاني.


(١) مُحَمَّد بن الْفضل أَبُو بكر الفضلي الكماري ذكره صَاحب الْهِدَايَة فِي الكراهبية بِفَتْح الْكَاف وَالْمِيم تشبه النِّسْبَة وَهِي اسْم لجد بعض الْعلمَاء الْعَلامَة الْكَبِيرَة قَالَ الْحَاكِم في تَارِيخ نيسابور ورد نيسابور وَأقَام بهَا متفقها ثمَّ قدمهَا حَاجا فَحدث بهَا وَكتب ببخارى في سنة تسع وَخمسين وَعقد لَهُ مجْلِس الْإِمْلَاء وَمَات ببخارى يَوْم الْجُمُعَة لست بَقينَ من شهر رَمَضَان سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَلَاث مائَة وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة رَحمَه الله تَعَالَى. الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ١٠٧).
(٢) البناية شرح الهداية (٨/ ٢٨٤).
(٣) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٤) في (ت): والثاني.
(٥) المغرب (١/ ٣٩٣).
(٦) في (ت): و.
(٧) في (ت): العصائد.
(٨) في (ت): أو.
(٩) في (ت): الثياب.
(١٠) في (ت): كل واحد منهما لا يصير.
(١١) في (ت): والسويق.