للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي يوسف -رحمه الله-: أنه يجوز البيع متساويًا لا متفاضلًا؛ لأن الدقيق قد يصير سويقًا بأن يرش عليه الماء ثم يقلى فيصير سويقًا، ببغداد يتخذ السويق بهذه الصفة فيعتبر المساواة بينهما؛ لجواز العقد باعتبار المال.

ولأبي حنيفة -رحمه الله- طريقان:

أحدهما: أن السويق أجزاء حنطة مقلية، والدقيق أجزاء حنطة غير مقلية، وبيع الحنطة المقلية بغير المقلية لا يجوز بحال، فكذلك بيع الدقيق مع السويق.

والطريق الآخر: أن بيع الحنطة بالسويق لا يجوز بالاتفاق، وربا الفضل لا يثبت إلا باعتبار المجانسة، ولا مجانسة بين الحنطة والسويق صورة، فعرفنا أن المجانسة باعتبار ما في الضمن، والذي في ضمن الحنطة دقيق (١)، فيثبت (٢) المجانسة بين الدقيق والسويق بعد الطحن، كما يثبت (٣) المجانسة بين السويق والحنطة باعتبار ما في الضمن قبل الطحن، وليس (٤) فيه أكثر من أنّه فات بعض المقاصد بالسويق، وبه لا يختلف الجنس كالحنطة المقلية مع غير المقلية، والعلكة مع الرخوة، والتي أكلها السويق فإنها لا تصلح للزراعة، والهريسة والكشك منها، ولا يوجب ذلك اختلاف الجنس، فكذلك الدقيق مع السويق، إلى هذا أشار في المبسوط (٥).

علكة أي جيدة.

يقال: حنطة بعلكة (٦) [جيدة] (٧)، أي يتلزح كالعلك من جودتها وصلابتها، التلزح: التمدد من غير انقطاع.

السوسة: العتة، وهي دودة تقع في الصوف والثياب والطعام، ومنه قوله: حنطة مسوسة بكسر الواو والمشددة، كذا في المغرب (٨).

ثم ذكر بيع الحنطة المقلية مع غير المقلية وبيع الدقيق بالمقلية في أنه لا يجوز، ولم يذكر بيع المقلية بالمقلية فأما حكمه ذكر في الذخيرة (أنه لا يجوز) (٩) ..

وقال: وأما بيع المقلية بالمقلية فيجوز إذا تساويا كيلًا؛ لأن المجانسة بينهما قائمة من كل وجه، فيكتفى لجواز البيع بالمماثلة الحالية.

وذكر في المبسوط (١٠): أنه لا يجوز، والله أعلم بصحته.

وقال محمد -رحمه الله-: إذا باعه بلحم من جنسه لا يجوز.

وإنما قيّد بقوله: بلحم من جنسه، وهو أن يباع لحم الشاة بالشاة؛ لأنهما لو كانا مختلفين بأن باع لحم البقر بالشاة وما أشبه يجوز بالاتفاق من غير اعتبار بالقلة والكثرة، كما في بيع اللحمان المختلفة على ما يجيء.


(١) في (ت): دقيقا.
(٢) في (ت): تثبت.
(٣) في (ت): تثبت.
(٤) في (ت): فليس.
(٥) المبسوط (١٢/ ١٧٩).
(٦) في (ت): علكة.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٨) المغرب (١/ ٢٣٩).
(٩) في (ت): أنه يجوز.
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٨٤).