للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو صورت المشتري مقام الوارث فالحكم فيه أيضاً كذلك على التفصيل، إن كان المشتري ممن يحل له وطئها يبطل نكاحها، (وإلا) (١) يتوقف إلى إجازته، إلى هذا أشار في الفصول الاستروشنية محالًا إلى باب نكاح مخاطبة الجامع (٢)؛ لأن الشك وقع في شرط الإجازة فلا يثبت مع الشك.

فإن قيل: الشك هو ما استوى طرفاه، وههنا طرف البقاء راجح؛ لأن الأصل في كل موجود بقاؤه ما لم يتيقن بالمزيل، وههنا لم يتيقن بالمزيل فكان باقياً؛ عملاً بالأصل.

قلنا: ذاك الذي قلته عمل باستصحاب الحال (٣)، وهو يصلح حجة للدفع لا للإثبات، وهنا (٤) محتاج (٥) إلى نفاذ البيع، وثبوت الملك في المعقود عليه لمن وقع له الشراء فلا يصلح [له] (٦) الاستصحاب (٧) [الحال] (٨) حجة فيه، [فكما] (٩) فكان هذا نظير استحقاق الشفعة بظاهر الملك للشفيع بما في يده عند إنكار المشتري ملكه، حيث لا يكتفى به في حق استحقاق الشفعة، ما لم يقم البينة على أن ما في يده ملكه في الحال، مع أن الأصل هو أن يكون الأملاك في يد الملاك؛ لما أن الشفيع محتاج إلى إثبات الملك الجديد فيما يطالبه بالشفعة، فاستصحاب الحال منه لا يكون حجة مع أن الذي في يده ملكه؛ عملاً بالأصل، بل يحتاج إلى دليل موجب للملك في الحال يقينًا، ولما لم يقم البينة على ذلك كان شكًا في إثبات الملك بهذا الطريق، فكذلك ههنا.

ومن غصب عبدًا إلى آخره، وهذه هي المسألة الثانية التي جرت فيها المحاورة بين أبي يوسف ومحمد حين عرض عليه هذا الكتاب، فإن أبا يوسف -رحمه الله- قال: ما رويت لك عن أبي حنيفة -رحمه الله- أن العتق [فيها] (١٠) جائز، وإنما رويت أن العتق باطل، وقال محمد -رحمه الله-: بل رويت لي أن العتق جائز، ثم ما ذكره محمد قياس، فوجه القياس أن هذا العقد توقف نفوذه على إجازة مالك ظاهر الملك وهو المغصوب منه، فلا يجوز أن ينفذ من جهة من يحدث له الملك كالمشتري بشرط الخيار للبائع إذا أعتقه ثم أسقط البائع خياره، كذا ذكره الإمام شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- في الجامع الصغير (١١).


(١) في (ت): ولا.
(٢) رد المحتار على الدر المختار (٤/ ٥٦٩).
(٣) استصحاب الحال هو: اعتقاد كون الشيء في الماضي أو الحاضر يوجب ظن ثبوته في الحال أو الاستقبال. أو هو ظن دوام الشيء بناء على ثبوت وجوده قبل ذلك. شرح مختصر الروضة لسليمان بن عبد القوي الطوفي الصرصري، أبو الربيع، نجم الدين، المحقق: عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، ١٤٠٧ هـ/ ١٩٨٧ م، (٣/ ١٤٨).
(٤) في (ت): وها هنا.
(٥) في (ت): يحتاج.
(٦) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٧) في (ت): استصحاب.
(٨) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٩) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١٠) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(١١) المبسوط (١١/ ٦٣).