للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحل السلف المضمون، أي السلم الواجب في الذمة.

وقال (١): المضمون صفة مقررة لا مميزة، فكان هو لبيان الحقيقة، لما أن المسلم فيه يجب في ذمة المسلم إليه لا محالة، فكان هو للتقرير لا للتمييز، كما في قول الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ} (٢).

وقال (٣): {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} (٤) وقوله -عليه السلام-: «ما أبقته الفرائض فلأولى رجل ذكر» (٥).

ثم قيل: يكون باطلًا، وقيل ينعقد بيعًا.

هذا الخلاف (٦) فيما إذا أسلم الحنطة أو (٧) غير ذلك من العروض في الدراهم أو (٨) الدنانير، أما لو كان كلاهما من الأثمان بأن أسلم عشرة دراهم في عشرة دراهم أو في دنانير فإنه لا يجوز بالإجماع.

وذكر في المبسوط (٩): ولو أسلم الحنطة في الذهب والفضة لا يجوز عندنا، وللشافعي قول في القديم أن ذلك يجوز؛ بناءً على مذهبه أن النقد يصلح أن يكون مبيعًا حتى يتعين بالتعيين، فأما عندنا فالذهب والفضة لا تصلح أن تكون مبيعًا و (١٠) المسلم فيه مبيع، فإذا لم يكن هذا سلمًا قال عيسى بن أبان (١١) -رحمه الله-: يكون عقدًا باطلًا.

وكان أبو بكر الأعمش (١٢) -رحمه الله- يقول أنه بيع الحنطة بالدراهم المؤجلة (١٣) فيكون صحيحًا؛ لأن يحصل (١٤) مقصود المتعاقدين بحسب الإمكان واجب، وقد قصدا مبادلة الحنطة بالدراهم المؤجلة.


(١) في (ت): وقوله.
(٢) [المائدة: ٤٤].
(٣) في (ت): وقوله تعالى.
(٤) [الأنعام: ٣٨].
(٥) أخرجه البخاري في كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه (٦٧٣٢) ومسلم في كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض باهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر (١٦١٥).
(٦) في (ت): الاختلاف.
(٧) في (ت): و.
(٨) في (ت): و.
(٩) المبسوط (١٢/ ١٢١).
(١٠) في (ت): من.
(١١) عيسى بن أبان بن صدقة أبو موسى، من أهل بغداد. فقيه وأصولي حنفي. تفقّه على مُحَمَّد بن الحسن، ولزمه لزومًا شديدًا، وتفقه عليه القاضي عبد الحميد، كان حسن الحفظ للحديث. الفَوَائِد البهية (١/ ١٥١)، معجم المؤلفين (٨/ ١٨).
(١٢) سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، أبو مُحَمَّد، الملقب بالأعمش، تابعي، مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشأه ووفاته في الكوفة، كان عالما بالقرآن والحديث والفرائض. تهذيب التهذيب لأبي الفضل أحمد بن علي حجر العسقلاني، الناشر: مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة: الطبعة الأولى، ١٣٢٦ هـ، (٤/ ١٩٥)، وصفة الصفوة لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، المحقق: أحمد بن علي، الناشر: دار الحديث، القاهرة، مصر، الطبعة: ١٤٢١ هـ/ ٢٠٠٠ م، (٣/ ١١٧).
(١٣) في (ت): مؤجلة.
(١٤) في (ت): تحصيل.