للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الكلام في الوقت (١) قال أبو حنيفة-رحمه الله-: كل وقت يجوز التيمم يجوز التوضي بنبيذ التمر وإلا فلا (٢).

وأما الكلام في نفس النبيذ (٣) ذكر محمد-رحمه الله- في «النوادر» (٤) «أنه يلقى في الماء [تميرات] (٥) فتخرج حلاوتها إلى الماء، فإن توضأ به قبل خروج الحلاوة يجوز؛ لأنه ماء، وإن خرجت الحلاوة إلى الماء وكان رقيقًا يسيل على الأعضاء يجوز التوضي به» (٦).

لِحَدِيثِ لَيْلَةِ الْجِنِّ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- تَوَضَّأَ بِهِ حِينَ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ -رحِمَهُ الله-: يَتَيَمَّمُ وَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحِمَهُ الله-، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ -رحِمَهُ الله- عَمَلاً بِآيَةِ التَّيَمُّمِ لأنَّهَا أَقْوَى، أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِهَا لأنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَلَيْلَةُ الْجِنِّ كَانَتْ مَكِّيَّةً.

-قوله: (لحديث ليلة الجن) وهو ما روى أبو رافع (٧) وابن المعتمر (٨) / ١٧/ أ/ عن ابن مسعود-رضي الله عنه-: أن النبي-عليه السلام- خطب ذات ليلة ثم قال: «لِيَقُمْ مَعِي مَن لم يكنْ في قَلبه مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبر». فقام ابن مسعود -رضي الله عنه-، فحمله رسول الله-عليه السلام-مع نفسه، فقال عبد الله بن مسعود: خرجنا من مكة فخط رسول الله-عليه السلام- حولي خطًّا وقال: «لا تَخرُج عَنْ هَذا الخطّ، فإنّكَ إنْ خَرجْت عنْه لم تَلقَني إلى يَوم القيَامَة». ثم ذهب يدعو الجن إلى الإيمان ويقرأ عليهم القرآن حتى طلع الفجر، [ثم رجع بعد طلوع الفجر] (٩) وقال لي: «هَلْ مَعَكَ مَاء أتَوَضَّأ بِه؟». فقلت: لا إلا نبيذ التمر في إداوة. فقال رسول الله-عليه السلام-: «تمرَةٌ طَيِّبَة [وماء] (١٠) طهُور». [وأخذ] وتوضأ به وصلى الفجر (١١).


(١) وهو الثاني حسب ما تقدم في مواضع الكلام في نبيذ التمر.
(٢) انظر في مذهب الحنفية: مختصر الطحاوي ص (١٥)، بدائع الصنائع (١/ ١١٥)، شرح فتح القدير (١/ ١١٨ - ١٢٠)، رد المختار (١/ ٢٢٧).
(٣) وهو الثالث حسب ما تقدم في مواضع الكلام في نبيذ التمر.
(٤) انظر: الجامع الصغير للشيباني (١/ ٧٥) باب ما يجوز به الوضوء وما لا يجوز.
(٥) في (ب): «تمرات».
(٦) انظر: المحيط البرهاني (١/ ١٣٢).
(٧) هو نفيع، أبو رافع الصائغ المدني، نزل البصرة، مولى ابنة عمر بن الخطاب، وذكره أبو حاتم ابن حبان في كتاب «الثقات»، وقال العجلي: من خيار التابعين، وكان عبدا فأعتق، وكان رجلا صالحا ثقة بصريا. طبقات الحفاظ (١/ ٣٤) معرفة الثقات (٢/ ٣١٩).
(٨) هو منصور بن المعتمر السلمي يكنى أبا عتاب كوفى ثقة ثبت في الحديث كان أثبت أهل الكوفة وكأن حديثه القدح لا يختلف فيه أحد متعبد رجل صالح أكره على قضاء الكوفة فقضى عليها شهرين ولاه يزيد بن عمرو، وكان فيه تشيع قليل ولم يكن بغال، توفي سنة: (١٣٢ هـ) وكان يجلس في مجلس القضاء فإذا جلس الخصمان بين يديه فقضى قضيتهما قال يا هذان انكما تختصمان الي في شيء لا علم لي به فانصرفا فاعفي عن القضاء وقالت فتاة لابيها يا ابة الإسطوانة التي كانت في دار منصور ما فعلت قال يا بنية ذاك منصور يصلي بالليل فمات. معرفة الثقات (٢/ ٢٩٩)، صفة الصفوة (٣/ ١١٢).
(٩) ساقطة من (ب).
(١٠) في (ب): «مأها».
(١١) الحديث رواه أبو داود في سننه (١/ ٦٦) -كتاب «الطهارة» -باب الوضوء بالنيذ-حديث (٨٤)، ورواه الترمذي في سننه (١/ ١٤٧) برقم (٨٨)، وابن ماجة في سننه (١/ ١٣٥) برقم (٣٨٤) كلهم عن ابن مسعود، قال أبو عيسى: وإنما روي هذا الحديث عن أبي زيد، عن عبد الله، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث؟ لا تعرف له رواية غير هذا الحديث. والحديث ضعفه الألباني في ضعيف سنن ابن ماجة برقم (٨٤).