للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ مُحَمَّدٌ -رحِمَهُ الله-: يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَتَيَمَّمُ لأنَّ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا وَفِي التَّارِيخِ جَهَالَةً فَوَجَبَ الْجَمْعُ احْتِيَاطًا.

قُلْنَا لَيْلَةَ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ

-قوله: (لأن في الحديث اضطرابًا) وذلك لأن مداره على أبي زيد مولى عمرو بن الحريث (١)، روى عنه أبو فزارة (٢) وكان نباذًا، روى هذا الحديث ليهون على الناس أمر النبيذ، وأبو زيد كان مجهولاً عند النقلة، ولأنه روي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود أنه قيل له: هل كان أبوك مع النبي-عليه السلام- ليلة الجن؟ فقال: [لا] (٣)، ولو ردت أن لو كان أبي صاحب رسول الله-عليه السلام-. ولو كان هو مع النبي-عليه السلام- لكان [فخرًا له عظيمًا ومنقبة ولعقبه بعده] (٤) فكان لا يخفيها على ابنه.

قلنا: إن مداره كما كان على أبي فزارة كان مداره أيضًا على كبار الصحابة الذين لا طعن فيهم-رضي الله عنهم- مع أن أبا فزارة غير مطعون، فإن مصنف الصحيح ذكر أن اسمه [كان] (٥) راشد بن كيسان الزاهد، سمي زاهدًا لديانته، وبيع النبيذ لا يوجب طعنًا لجواز أنه باع نبيذًا اتفق الناس على إباحته.

وقوله: بأن [أبا] (٦) زيد كان مجهولاً.

قلنا: لا بل هو من كبار أئمة التابعين وكان معروفًا.

وقوله: بأن عبد الله لم يكن مع النبي-عليه السلام-.

قلنا: لا، [بل كان معه] (٧)؛ فإن محمد بن إسماعيل البخاري أثبت كونه مع النبي-عليه السلام-باثني عشر وجهًا، ومعنى قول ابنه: إنه لم يكن أي: لم يكن معه حالة الخطاب والدعوة، والدليل على أنه كان معه فإنه روي أن ابن مسعود-رضي الله عنه- رأى قومًا يلعبون بالكوفة فقال: ما رأيت قومًا أشبه بالجن الذين رأيتهم مع رسول الله-عليه السلام- ليلة/ ١٧/ ب/ الجن من هؤلاء. كذا في «مبسوط شيخ الإسلام» (٨) و «الجامع الصغير» للمحبوبي (٩) -رحمهما الله-.


(١) هو أبو زيد مولى عمرو بن حريث روى عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، روى عنه أبوفزارة سمعت أبي يقول ذلك نا عبد الرحمن قال وسمعت أبا زرعة يقول: أبو زيد هذا مجهول لا يعرف، ولا أعرف اسمه. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ٣٧٣).
(٢) أبو فزارة هو: راشد بن كيسان العبسي وهو (ثقة). انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٣/ ٤٨٥).
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) في (ب): «فجزائه عظيما ومنفعته ونفقته بعده».
(٥) زائدة في (ب) والصواب مافي (أ).
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): «بل هو من كبار كان معه».
(٨) لم أجده في مبسوط شيخ الإسلام، بل هو في بدائع الصنائع (١/ ١٧) أركان الوضوء.
(٩) الجامع الصغير للمحبوبي -مخطوط- كما سبق.