للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن العصفور وإن كان من العدديات المتقاربة إلا أنه بمعنى المنقطع؛ لأنه مما لا يقتنى، ولا يحبس للتوالد، وقد يمكن أخذه، وقد لا يمكن، ولا رجحان لإمكان الأخذ على عدم الإمكان، حتى يقام مقام الموجود في أيدي الناس فيبقى العبرة للانقطاع، بخلاف السمك الطري؛ لأن إمكان الأخذ في السمك راجح (١) على عدم الإمكان، فيكون العبرة لإمكان الأخذ فيقام إمكان الأخذ مقام الموجود في أيدي الناس.

وأما في لحومها، أما عددًا فلا إشكال أنه لا يجوز؛ لأنه عددي متفاوت.

وأما وزنًا هل يجوز، فظاهر ما ذكر محمد يدل على أنه لا يجوز؛ لأنه أطلق إطلاقًا، فمن مشايخنا من قال: بأن (٢) المسألة على الاختلاف لا يجوز عند أبي حنيفة -رحمه الله-، وعندهما يجوز، كما لو أسلم في اللحم، ومنهم من يقول: لا يجوز عند الكل، إلا أنه حمل المذكور من لحم الطيور على طيور لا يقتنى ولا يحبس للتوالد، فيكون البطلان بسبب أنه أسلم في المنقطع فلا (٣) يجوز بسبب الانقطاع عندهم جميعًا، وإن ذكر الوزن، فأما (٤) فيما يقتنى ويحبس للتوالد يجوز عند الكل؛ لأن ما يقع من التفاوت في اللحم يسبب (٥) العظم في (٦) الطيور تفاوت لا يعتبره الناس، فإنه لا تجري المماكسة بسببه، فكان بمنزلة عظم الإلية وعظم السمك، وإلى هذا مال (٧) شيخ الإسلام المعروف بجواهر (٨) زاده (٩).

وذكر في المبسوط (١٠): وعن أبي يوسف -رحمه الله- قال: ما لا يتفاوت آحاده في المالية كالعصافير ونحوها يجوز السلم في لحومها.

وقال: لا يجوز على الوجه الثاني، وهو التعليل بالسمن والهزال والتضمين بالمثل جواب عن قولهما فالمثل أعدل من القيمة؛ لأن فيه رعاية الصورة والمعنى.

وقال (١١): ولأن القبض يغاير (١٢) هذه النكتة؛ لأجل التفرقة بين الاستقراض والسلم، ففي الاستقراض يقبض حالاً وترتفع الجهالة بالقبض، فلا يفضي (١٣) إلى المنازعة، وأما في السلم فإن المسلم فيه إنما يعرف بالوصف، وبالوصف لا ترتفع الجهالة فيفضي إلى المنازعة، فلما لم يعرف الوصف تمام التعريف لم يكتف بالوصف في حق اللحم في السلم.


(١) في (ت): أرجح.
(٢) في (ت): أن.
(٣) في (ت): ولا.
(٤) في (ت): وأما.
(٥) في (ت): بسبب.
(٦) في (ت): وفي.
(٧) في (ت): أشار.
(٨) في (ت): خواهر.
(٩) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٧/ ٨٢).
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٣٦).
(١١) في (ت): وقوله.
(١٢) في (ت): تغابن.
(١٣) في (ت): يؤدي.