للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والخامس: أنه إذا قبض الآخر (١) فإنه يملكه، ولو كانت مواعدة ولا معاقدة لكان لا يصير الآخر (٢) ملكًا له، كذا في الذخيرة.

والمعدوم قد يعتبر موجودًا كالناسي للتسمية عند الذبح يجعل التسمية موجودًا (٣)؛ لعذر النسيان.

وكذلك الطهارة للمستحاضة يجعل موجودة؛ لعذر جواز الصلاة، لئلا يتضاعف الصلاة عليها، فالتسمية والطهارة معدومتان، فيتقدر [حقيقة] (٤) جعلتا موجودتين؛ لما ذكرنا، كما أن الموجود حقيقة يجعل معدومًا للعذر؛ كالماء المعد لدفع العطش، يجعل معدومًا حتى جاز التيمم (بوجوده) (٥) حقيقة، فكذلك ههنا المستصنع معدوم، يجعل موجودًا حكمًا للتعامل، والمعقود عليه العين دون العمل، حتى لو حاط (٦) الصانع بالمستصنع لا من صنعه (٧)، أو صنعه الصانع قبل الأمر بالصنعة (٨)، يجبر الآمر على القبول، علم أن المعقود عليه هو العين لا العمل، ولهذا ينفي (٩) قول أبي سعيد البردعي، فإنه يقول: المعقود عليه هو العمل؛ لأن الاستصناع استفعال من الصنع، وهو العمل، فتسمية العقد به دليل على أنه هو المعقود عليه، والأديم والصرم فيه لمنزلة الآلة للعمل، لكن الأصح أن المعقود عليه المستصنع فيه، وذكر الصنعة لبيان الوصف، فإن المقصود هو المستصنع فيه، والدليل عليه أن محمدًا -رحمه الله- قال: إذا جاء به مفروغًا عنه فللمستصنع الخيار؛ لأنه اشترى شيئاً لم يرده، وخيار الرؤية إنما يثبت فيه بيع العين فعرفنا أن المبيع هو المستصنع فيه، كذا في المبسوط (١٠).

فإن قيل: لو كان بيعًا لما بطل بموت الصانع أو المستصنع.

وذكر الإمام قاضي خان في الجامع الصغير (١١): يبطل الاستصناع بموت [أحدهما]، والسلم لا يبطل لموته (١٢) بهما، وكذلك (١٣) [في] (١٤) سائر البياعات، قلنا: الاستصناع شبه بالإجارة من حيث أن فيه طلب الصنع وهو العمل، وشبه بالبيع من حيث أن المقصود منه عين المستصنع فليشهد بالإجازة.


(١) في (ت): الأجر.
(٢) في (ت): الأجر.
(٣) في (ت): موجودة.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): مع وجوده.
(٦) في (ت): لو جاء.
(٧) في (ت): صنعته.
(٨) في (ت): باستصناعه.
(٩) في (ت): انتفى.
(١٠) المبسوط (١٢/ ١٣٩).
(١١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٢٤).
(١٢) في (ت): بموتهما.
(١٣) في (ت): وكذا.
(١٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت.