للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قلنا: يبطل بموت أحدهما، ولشبهه بالبيع وهو المقصود أجرينا القياس والاستحسان، وأثبتنا خيار الرؤية، ولم يوجب تعجيل الثمن في مجلس العقد ما في بيع العين، وذكر في الذخيرة: وينعقد الاستصناع إجارةً ابتداءً بيعًا انتهاءً متى سلم، ولكن قبيل التسليم لا عند التسليم، بدليل أنهم قالوا بأن الصانع إذا مات قبل تسليم العمل بطل الاستصناع، ولا يستوفي المصنوع من ركنه (١)، ولو انعقد بيعًا ابتداءً وانتهاءً لكان لا يبطل بموته، كما في بيع العين والسلم، قال (٢) محمد: إذا أتى به الصانع كان المستصنع بالخيار؛ لأنه اشترى شيئاً لم يره، ولو انعقد إجازة (٣) ابتداءً وانتهاءً لم يكن [له] (٤) خيار الرؤية، كما في الخياط والصباغ، ولو كان ينعقد عند التسليم لا قبله بساعة لم يثبت خيار الرؤية؛ لأنه يكون مشترياً ما رآه، وخيار الرؤية لا يثبت في المرئي، والمعنى في ذلك أن المستصنع طلب منه العمل والعين جميعًا، ولا بد من اعتبارهما جميعًا، واعتبارهما جميعًا في حالة واحدة متعذر؛ لأن بين الإجارة والبيع تنافياً، (فجوزنا إجازة) (٥) ابتداء؛ لأن عدم المعقود [دار من غير بيان المدة ومقدار الماء ** يستعمل، كذا في البدائع (٦) عليه لا يمنع انعقاد الإجازة (٧)، ويمنع انعقاد البيع فاعتبرناهما جميعًا؛ توفيراً على الأمرين حفظهما، كما فعلنا هكذا في الهبة بشرط العوض، اعتبرناها تبرعًا في الابتداء عملاً باللفظ، وبيعًا انتهاء عملاً بالمعنى، فكذا هنا، فلما كان بيعًا انتهاء، أورده محمد في كتاب البيوع (٨).

فإن قيل: لو كان ينعقد إجارة لكان الصانع يجبر على العمل، ويجبر المستصنع على إعطاء الدراهم كما في سائر الإجارات، ولو أتى الصانع لمصنوع (٩) صنعه قبل العقد يرى (١٠) الصانع عما لزمه بالاستصناع، ولو انعقد إجازة (١١) لا يستحق عليه العمل بعد العقد.

قلنا: الروايات في لزوم الاستصناع وعدم لزومه مختلفة، روى (١٢) أبو (١٣) يوسف عن أبي حنيفة -رحمهما الله-: أن الصانع لا يجبر على العمل، بل يتخير إن شاء فعل، وإن شاء (لم يفعل) (١٤).


(١) في (ت): تركته.
(٢) في (ت): وقال.
(٣) في (ت): إجارة.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): فجوزناه إجارة.
(٦) بدائع الصنائع (٥/ ٣).
(٧) في (ت): الإجارة.
(٨) بدائع الصنائع (٦/ ١١٩).
(٩) في (ت): بمصنوع.
(١٠) في (ت): برئ.
(١١) في (ت): إجارة.
(١٢) في (ت): روي عن.
(١٣) في (ت): أبي.
(١٤) في (ت): ترك.