للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال في المبسوط (١): وفرق في ظاهر الرواية بين هذا والسلم.

وقال: لا فائدة في إثبات الخيار في السلم؛ لأن المسلم فيه دين في الذمة، وإذا رد المقبوض عاد دينًا كما كان.

وههنا إثبات الخيار مفيد؛ لأنه مبيع عين فبرده ينفسخ العقد ويعود إليه رأس ماله، وصح يوضح الفرق أن إعلام الدين بذكر الصفة، إذ لا يتصور فيه المعاينة، فقام ذكر الوصف في المسلم فيه مقام الرؤية في بيع العين.

فأما (٢) إعلام العين فتمامه بالرؤية، والمستصنع فيه مبيع عين، فلهذا يثبت فيه خيار الرؤية، ولا يجوز فيما لا يعامل فيه كالثياب، فإنه إذا أمر نساجاً ينفسخ (٣) ثوباً من عدل نفسه لا يجوز؛ لأنه لا يعامل فيه، وإنما قال: بغير أجل وهو قوله في أول مسألة الاستصناع: وإن استصنع شيئاً من ذلك بغير أجل [جاز] (٤)؛ لأنه لو ضرب الأجل فيما فيه تعامل (٥) يصير سلمًا عند أبي حنيفة -رحمه الله-، إنما قيد لفظه (٦) فيما فيه تعامل (٧)؛ احترازاً عن ضرب الأجل فيما لا تعامل فيه، كالثياب فإنه يصير سلمًا بالاتفاق على ما ذكر في الكتاب، ثم المراد بضرب الأجل ما هو المراد من ضرب الآجال التي يضرب بها للسلم (٨)، فقال في المبسوط: هذا إذا ذكره (٩) المدة على سبيل الاستمهال، أما إذا كان على سبيل الاستعجال بأن قال: على أن يفرغ عنه غدًا أو بعد غد، فهذا لا يكون سلمًا ** (١٠)، ذكر المدة للنزاع (١١) من العمل لا لتأخير المطالبة بالتسليم، ألا ترى أنه ذكر (أو في مدة يمكنه) (١٢) الفراغ فيها من العمل، ويحكى عن الهندواني (١٣) قال: إن كان ذكر المدة من قبل المستصنع فهو للاستعجال، فلا يصير به سلمًا، وإن كان الصانع هو الذي ذكر المدة فهو سلم؛ (لما يذكره) (١٤) على سبيل الاستمهال (١٥).

وقيل: إن ذكر أدنى مدة يتمكن فيها من العمل فهو الاستصناع (١٦)، وإن كان أكثر من ذلك فهو سلم؛ لأن ذلك يختلف باختلاف الأعمال، فلا يمكن تقديره بشيء معلوم، ثم فيما كان سلمًا يعتبر فيه شرائط السلم من قبض رأس المال في المجلس، ولا خيار للمستصنع إذا أتى بالمصنوع على الوصف الذي وصفه، لهما أن اللفظ حقيقة للاستصناع (١٧) إلى آخره، هما يقولان: ذكر الأجل يقتضي أن يكون سلمًا، وذكر الاستصناع يقتضي أن يكون غير سلم، إلا أن ذكر الأجل محتمل؛ لأنه يحتمل أن يكون ذكره للتعجيل، ويحتمل أن يكون للاستمهال.


(١) المبسوط (١٢/ ١٣٩).
(٢) في (ت): وأما.
(٣) في (ت): لينسج.
(٤) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٥) في (ت): التعامل.
(٦) في (ت): بقوله.
(٧) في (ت): التعامل.
(٨) في (ت): السلم.
(٩) في (ت): ذكر.
(١٠) في (ت): لأن.
(١١) في (ت): للفراغ.
(١٢) في (ت): أدنى مدة يمكنه.
(١٣) المبسوط (١٢/ ١٤٠).
(١٤) في (ت): لأنه لا يذكر.
(١٥) في (ت): الاستعجال.
(١٦) في (ت): استصناع.
(١٧) في (ت): الاستصناع.