للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن الثياب ليست من حقه، (وفي السلم والصرف) (١) لا يجوز الاستبدال، ولو لم يكن الزيوف من جنس حقه لكان استبدالاً في الصرف والسلم، وهو لا يجوز، فعلم بهذا أن الزيوف من جنس حقه، ولا يمكن تداركها بإيجاب ضمانها؛ لما ذكرنا، وهو قوله: لأنه (٢) لا قيمة لها عند المقابلة بجنسه.

لأنه إيجاب له عليه، أي إيجاب لأجله عليه، ولا نظير له في الشرع بأن يجب الضمان لنفسه على نفسه بالنسبة إلى شيء واحد لنفسه، وهو وصوله إلى دراهمه الجيدة، وإنما قيدنا بقولنا: بالنسبة إلى شيء واحد؛ احترازاً عما يجب نفقة المرأة أو (٣) العبيد على الزوج والمولى بمقابلة انتفاعه منهم؛ لأنهما شيئان (٤) مختلفان فيه، فإن من له الحق فيه مختلف؛ لأن من له الحق في (٥) الانتفاع بملك المتعة (٦) والرقبة الزوج والمولى، وفي الانتفاع بالنفقة المرأة والعبيد.

وأما ههنا فالمقبوض [كله] (٧) ملكه، قوله (٨) الحق ومن عليه الحق شخص واحد، وهو رب الدين، فليس له نظير في الشرع، وذكر في الفوايد الظهيرية (٩) في تعليل قول أبي يوسف: ولا يقال بأن (١٠) ملكه فكيف يقضي عليه بضمانه، ثم قال: لأنا نقول جاز أن يقضي عليه بضمان ما هو ملكه إذا كان فيه فائدة، ألا ترى أن كسب المأذون له المديون مضمون على المولى وإن كان ملكًا له، حتى لو اشتراه (١١) صح، وكذلك المرهون مضمون على الراهن، وإن كان ملكًا له، وهنا في التضمين فائدة، وهي إحياء حقه في صفة الجودة.

ولأبي حنيفة -رضي الله عنه- ما قال في الكتاب، والفرق بين هذا وبين ما استشهدا به (أن الضمان) (١٢) يجب بجعالة (١٣)، ولا سبيل إليه، والضمان هناك يجب للغرماء، وإلى ذلك سبيل، وفي النوازل: اشترى داراً بالجياد، ونقد الزيوف، أخذها الشفيع بالجياد؛ لأنه إنما يأخذ بما اشترى، ولو باعها مرابحةً فإن رأس المال الجياد.

وفي الأجناس: اشترى بالجياد ونقد الزيف، ثم حلف أنه اشتراها بالجياد، قال أبو حنيفة -رحمه الله-: لا يحنث، وقال أبو يوسف -رحمه الله-: بحيث (١٤)، كذا ذكره الإمام التمرتاشي (١٥).


(١) في (ت): وفي الصرف والسلم.
(٢) في (ت): لأنها.
(٣) في (ت): و.
(٤) في (ت): سببان.
(٥) في (ت): و.
(٦) في (ت): المنفعة.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من (ت).
(٨) في (ت): ومن له.
(٩) فتح القدير (١٠/ ١٨١).
(١٠) في (ت): أن المقبوض.
(١١) في (ت): اشترى منه.
(١٢) في (ت): ههنا.
(١٣) في (ت): حقا له.
(١٤) في (ت): يحنث.
(١٥) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (٤/ ١٣٠).