للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[ولو قال] (١) الشافعي -رحِمَهُ الله-: «إن الضرورة لا تتحقق إلا بعد استعمال الماء فيما يكفيه» فهو كمن أصابته مخمصة ومعه لقمة من الحلال لا يكون له أن يتناول الميتة ما لم يتناول تلك اللقمة، ولا يبعد الجمع بين التيمم واستعمال الماء كما قلتم في سؤر الحمار.

«قلنا: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً}، والمراد: ماء يطهره، ألا ترى أن وجود/ ١٨/ أ/ الماء النجس لا يمنعه [من] (٢) التيمم مع أنه وجد ماءً؛ [لأن] (٣) الأصل لا يرقأ بالبدل؛ لأنهما لا يلتقيان كمالاً يكمل التكفير بالمال بالصوم، فلو قلنا به يلزم وفاء الأصل بالبدل، ولا نقول في مسألة المخمصة أنه يلزمه [مراعاة] (٤) الترتيب فإنما معه من الحلال إذا كان لا يكفيه لسد الرمق، فله أن يتناول [معه] (٥) الميتة، [ففي] (٦) سؤر الحمار الجمع بينهما عندنا للاحتياط [لا] (٧) لرفاء الأصل بالبدل» كذا في «المبسوط» (٨).

(أَوْ خَارِجَ الْمِصْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ نَحْوُ مِيلٍ أَوْ أَكْثَرَ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ) قَوْله تَعَالَى {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} وَقَوْلُهُ -عَلَيْه الصَّلاة والسَّلام-: «التُّرَابُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ إلَى عَشْرِ حِجَجٍ مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ»)

-قوله: (أو خارج المصر) انتصابه على الحال بدليل المعطوف عليه؛ فإن قوله: وهو مسافر، جملة حالية [لكن] (٩) لم يظهر الإعراب فيه لفظًا لكونه جملة، وهذا مفرد فظهر الإعراب فيه لفظًا، وهذا لأنه لما جاز عطف الجملة الحالية على المفرد من الحال في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: ١٩١] أي: [و] (١٠) مضطجعين على جنوبهم جاز عكسه أيضًا، ويجوز أن يكون منصوبًا على أنه مفعول فيه؛ لأن المفعول فيه هو المنصوب [من] (١١) زمان أو مكان بتقدير في، وهذا كذلك في المكان؛ لأن تقديره أو هو في مكان خارج المصر إلا أن الخارج ها هنا كان اسمًا لظاهر البلد.

وفي الأول فعل الخروج للمتيمم [لكن الأولى هو الوجه الأول؛ لأن نظير ذلك بعينه مذكور في «الكشاف» (١٢) على ذلك الوجه في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا}] (١٣) [النساء: ٤٣] وقال: ويقال: ولا جنبًا عطفًا على قوله: {وَأَنْتُمْ سُكَارَى}؛ لأن محل الجملة مع الواو النصب على الحال؛ فكأنه قيل: لا تقربوا الصلاة سكارى ولا جنبًا. ثم قوله: أو خارج المصر. رد لقول من يقول: إنه لا يجوز التيمم إلا للمسافر ذكره في «المحيط» (١٤). وقال: ومن الناس من قال: لا يجوز التيمم لمن خرج من المصر إلا إذا قصد سفرًا صحيحًا فكان معناه: أي يجوز لمن هو خارج المصر وإن لم يكن مسافرًا؛ [و] (١٥) فيه أيضًا بقي لجواز التيمم في الأمصار سوى المواضع المستثناة فكان موافقًا لما ذكره في «شرح الطحاوي» (١٦) حيث قال: إن التيمم في المصر لا يجوز إلا في ثلاث أحوال:


(١) في (ب): «قوله: قال».
(٢) في (ب): «عن».
(٣) في (ب): «ولأن».
(٤) في (ب): «جزاء».
(٥) في (ب): «منه».
(٦) في (ب): «وفي».
(٧) في (ب): «ولا».
(٨) المبسوط (١/ ١١٣، ١١٤) باب التيمم.
(٩) ساقطة من (ب).
(١٠) ساقطة من (ب).
(١١) في (ب): «عن».
(١٢) انظر: الكشاف (١/ ٥٤٦).
(١٣) ساقط من (ب).
(١٤) انظر: المحيط البرهاني (١/ ١٤٦).
(١٥) ساقط من (أ) والتثبيت من (ب).
(١٦) انظر: حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح (١/ ١١٥) باب التيمم.