كتاب النهاية في شرح الهداية - السغناقي

كتاب الشهادات - في بيان فرضية الشهادة - ج: 16 - ص: 8

وأمَّا إذا كان بعيداً، فقد ذكر في الذَّخيرة (١): سُئِلَ نصير (٢) / عن الشَّاهد إذا دُعِيَ إلى الشَّهادة، وهو في الرِّستاق (٣) إن كان بحال لو حضر مجلس الحكم وشهد، يمكنه الرجوع إلى أهله في يومه، يجب عليه الحضور؛ لأنَّه لا ضرر عليه في الحضور، وإن كان لا يُمكِنُه الرجوعُ إلى أهله في يومه؛ لا يجب عليه الحضور، وإن كان الشَّاهد شَخصاً كبيراً لا يقدر على المشي بالأقدام، وليس عنده ما يركب يُكَلَّفُ المشهود له بدابَّةٍ يركب ويحضر، فلا بأس به، وهذا من إكرام الشُّهود» (٤).

«عن (أبي سليمان الجرجاني (٥) (٦) / رجل أخرج شهوداً إلى ضَيعَةٍ (٧) قد اشتراها، واستأجر دوابَّ لهم فركبوها وذهبوا لم تُقبَل شهادتهم» (٨).

وفيه نظرٌ؛ فإنَّ العادة جرت أنَّ من أخرج الشَّاهدَ إلى الرُّستاق يعطيه دابَّته، خصوصاً إذا لم يكن للشَّاهد دابَّةً، ويرون ذلك حسناً.

«وسُئل الفقيه أبو بكر (٩) /، عمَّن امتنع عن أداء الشَّهادة؛ لأنَّ القاضي لا يعرفه.

---

(١) ذخيرة الفتاوى المشهورة بـ «الذخيرة البرهانية»، للإمام برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن مازه البخاري (ت ٦١٦ هـ)، اختصرها من كتابه المشهور بالمحيط البرهاني. يُنظر: كشف الظنون (١/ ٨٢٣).
(٢) نصير بن يحيى، وقيل نصر البلخي، تفقه على أبي سليمان الجوزجاني، روى عنه: أبو عتاب البلخي، مات سنة ٢٦٨ هـ/. يُنظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠٠).
(٣) الرستاق: فارسيّ معرّب، ألحقوه بِقرطاسٍ، ويقال: رُزداقٌ ورُسداقٌ، والجمع، الرساتيق، وهى السواد، وهي مدينة بفارس من ناحية كرمان، وربما جعل منها.
يُنظر: الصحاح للجوهري (٤/ ١٤٨١)، معجم البلدان (٣/ ٤٣).
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٢٩٢).
(٥) هو داود بن سليمَان، أبو سليمان الجرجاني مولى قريش: سكن بغداد وحدث بِها عن سليمان بن عمْرو النّخعيّ، وعمرو بن جميع، والنّضر ابن إِسمَاعِيل.
يُنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (٨/ ٣٦٢).
(٦) في النسختين: [الجرجاني]، وهذا القول منسوب لأبي سليمان الجوزجاني في المحيط البرهاني (٨/ ٢٩٢).
(٧) الضَّيعة: العَقَارُ خلاف المنقول من الأموال. التعريفات الفقهية (١/ ١٣٤).
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٢٩٢).
(٩) هو محمد بن أحمد، أبو بكر الإسكاف البلخي، كان إماماً كبيراً، أستاذ أبي جعفر الهندواني، تتلمذ عليه وبه انتفع، وعليه تخرج، توفي سنة ٣٣٦ هـ، وقيل: ٣٣٣ هـ، وقيل: ٣٣٥ هـ.
يُنظر: الجواهر المضية (٢/ ٢٣٩)، الفوائد البهية (٢٦٣ - ٢٦٤)، الطبقات السنية رقم (١٨٧٣).