للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى [هذه] (١) المسائل التي اختلف فيها أبو يوسف ومحمد رحمهما الله في الرواية في الجامع الصغير، وهي ثلاث مسائل سمعها محمد من أبي يوسف، ثم نسي ذلك أبو يوسف - رحمه الله -، [فكان] (٢) لا يعتمد رواية محمد - رحمه الله - (٣) بناءً على مذهبه في ذلك، ومحمد كان لا يدع الرواية مع ذلك بناءً على مذهبه في ذلك، فحال القاضي كذلك» (٤).

وقوله: «أو قضيته» (٥)؛ أي: وجد حكمه مكتوباً في خريطته (٦)؛ يحلُّ للقاضي أن يحكم به عندهما؛ وإن لم يتذكَّر الحادثة، بخلاف الشَّهادة في الصَّكِّ على ما ذكرنا.

«في قِمطَرِه» (٧)؛ أي: خريطته؛ وإنما خَصَّ دليلهما بقوله: لأنَّ ما يكون في قمطرة؛ لأنَّه ذكر أولاً دليل أبي حنيفة - رحمه الله - (٨) بقوله؛ «لأنَّ الخطَّ يشبه الخطَّ».

وقوله: «وعلى هذا» (٩) إشارةً إلى المذكور قبله، وهو القيلان المذكوران قبله بقوله: «قيل هذا قول أبي حنيفة - رحمه الله - (١٠)، وقيل هذا بالاتفاق».

«إذا ذكر المجلس الذي كانت فيه الشَّهادة» (١١)؛ أي: تذكَّر المكان دون الحادثة، [فكان] (١٢) تذكُّر المكان بمنزلة معرفته خطَّه في الشَّهادة دون الحادثة؛ لأن الشَّهادة مشتَقَّة من المشاهدة؛ فالمعنى من الاشتقاق: أن تنتظم الصيغتين معنى واحد بعد اشتراكهما في الحروف الأصول، وهو موجود هاهنا؛ فكان مشتقاً، فصار كالبيع، يعني: أن واحداً إذا أخبره بالبيع لا يسع للسَّامع بالبيع [بالسَّماع] (١٣)؛ بل بالمشاهدة بالبيع، كذا هاهنا؛ وذلك لأنَّ الشَّهادة لا تجوز إلا بعلم، قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (١٤)، {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} (١٥)؛ لأنَّ الشَّاهد يُعلِم القاضي حقيقة الحال، ويميز الصَّادق من المخبر الكاذب؛ ولا يتحقَّقُ ذلك منه إذا لم يعلم به (١٦).


(١) في «ج»: [هذه].
(٢) في «ج»: [وكان].
(٣) سقط من س، وفي «ج»: [ر ح].
(٤) المبسوط (١٦/ ٩٢ - ٩٣).
(٥) الهداية (٣/ ١١٩).
(٦) يُنظر: العناية شرح الهداية (٧/ ٣٨٧)، البناية شرح الهداية (٩/ ١٢٥).
والخريطة: وعاء من جلد أو نحوه يشد على ما فيه من صحف ونحوها. معجم لغة الفقهاء (١/ ١٩٥).
(٧) الهداية (٣/ ١٢٠).
(٨) في «ج»: [ر ح].
(٩) قال في الهداية (٣/ ١١٩): «إذا تذكر المجلس الذي كان فيه الشهادة أو أخبره قوم ممن يثق به أنا شهدنا نحن وأنت … ».
(١٠) سقط من «س»، وفي: «ج»: [ر ح].
(١١) الهداية (٣/ ١٢٠).
(١٢) في «ج»: [وكان].
(١٣) في «س»: [بالسمع].
(١٤) سورة الزخرف: آية ٨٦.
(١٥) سورة يوسف: آية ٨١.
(١٦) يُنظر: المبسوط (١٦/ ١١٦).