للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله/: «بل هما جملتان متباينتان» (١)؛ أي: كلمتان متباينتان، أحدهما لفظ الألف، والأخرى لفظ الألفين، وكذلك فيما بعده، وهو قوله: «لأن الألف والخمسمائة جملتان عُطفت احديهما على الأخرى» (٢)، ولم يرد بهما الجملة النحوية، وهي المركبة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر (٣).

«كما إذا اختلف جنس المال»، بأنْ شهد أحدهما مثلاً على كرِّ حنطة والآخر على كرِّ شعير لا تجوز أصلاً (٤).

أمَّا إذا شهد شاهدان على رجل بألف درهم، إلا أنَّ أحدهما قال: أنَّه سود، وقال الآخر: بيض، وللبيض فضل على السود، فإن كان المدَّعى يدَّعي السُّود لا تقبل شهادتهما أصلاً؛ لأنَّه ادَّعى أقلَّ المالين، فصار مكذباً الشَّاهد الذي شهد بالبيض، فلا تقبل شهادتهما، إلا أنْ يوفق المدَّعى فيقول: كان لي عليه بيض، إلا أني أبرأته عن صفة الجودة، وعلم به ذلك الشَّاهد ولم يعلم هذا الشَّاهد، فحينئذ تقبل شهادتهما على السُّود.

وإن كان يدعي البيض تقبل شهادتهما على السُّود؛ لأنَّهما اتفقا على الأقل لفظاً ومعنى، وكذلك في جميع المواضع في الجنس الواحد.

وأمَّا إذا اختلف الجنس، كما في الحنطة والشَّعير، فلا تقبل شهادتهما. كذا في الذَّخيرة (٥).

«ونظيرة الطلقة والطلقة والنصف»؛ أي: شهد أحد الشَّاهدين بالطلقة والآخر بالطلقة والنصف، تقبل شهادتهما على الطلقة؛ لاتفاقهما عليها (٦).

«بخلاف العشرة وخمسة عشر»؛ أي: ادَّعى المدَّعى على رجلٍ خمسة عشر درهماً وأقام شاهدين، فشهد أحدهما بعشرة، والآخر بخمسة عشر حيث لا يقضى بشيء في قول أبي حنيفة - رحمه الله - (٧).

فرق بين هذا وبين «ما إذا شهد أحدهما بالألف، وشهد الآخر بالألف وخمسمائة، والمدَّعى يدعي ألفاً وخمسمائة، حيث قُبلت الشَّهادة على الألف» (٨).

بالاتفاق؛ لأنَّ عند أبي حنيفة الموافقة من حيث اللفظ شرطٌ بين الشهادتين ولم يوجد؛ لأنَّ خمسة عشر يذكر من غير حرف العطف، فكانت كلمة واحدة وهي غير العشرة فلم يوجد الموافقة، فكان نظير الألف والألفين/ أمَّا ألف وخمسمائة يذكر بحرف عطف فكانتا كلمتين، وقد وجدت الموافقة بكلمة واحدة. كذا ذكره الإمام قاضي خان/ (٩).


(١) الهداية (٣/ ١٢٦).
(٢) الهداية (٣/ ١٢٦).
(٣) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٩).
(٤) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٦٩).
(٥) المحيط البرهاني (٨/ ٤٦٩).
(٦) ينظر: البناية شرح الهداية (٩/ ١٧٠).
(٧) سقط من: «س».
(٨) الهداية (٣/ ١٢٦).
(٩) ينظر: فتاوى قاضي خان (٢/ ٢١٢).