للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«ولو [شهدوا] (١) أنَّها لأبيه لا تقبل الشَّهادة.

ذكر محمد المسألة في كتاب «الدَّعوى» من غير ذكر خلاف.

[وقد] (٢) اختلف المشايخ فيه، منهم من قال: لا تقبل هذه الشَّهادة على قول أبي حنيفة ومحمد -رحمهما الله- وعلى قول أبي يوسف [رحمة الله عليه] (٣) تقبل؛ لأنَّهم شهدوا بالملك للميت، والثابت للوارث غير ما كان ثابتاً للمورث.

فأبو يوسف اعتبر جانب الملك، ولا استحالة في جانب الملك، وهما اعتبرا جانب المالكيَّة، فقال: أثبتنا المالكيَّة للميت في الحال، فكانت هذه الشَّهادة بالمستحيل، ومنهم من قال: لا تقبل هذه الشَّهادة بلا خلاف» (٤).

«ثم اعلم أنَّ الشَّاهدين إذا شهدا بأنَّ هذا المدَّعى ابن الميت ووارثة لا نعلم له وارثاً آخر، صار المشهود له معلوماً للقاضي فيقضي بشهادتهما، فقد [شرط] (٥) مع بيان السبب أنَّ يقول: وهو وارثه لا [نعلم] (٦) له وارثاً سواه.

ولا شك أنَّ قولهما [ووارثه] شرط فيمن يحتمل الحجب والسقوط بحال، فأمَّا فيمن لا يحتمل الحجب والسُّقوط بحال، نحو الأب والأم

والابن والبنت، هل هو شرط؟ فقد اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنَّه لا يشترط» (٧).

«وأمَّا قول الشَّاهدين: لا نعلم له وارثاً آخر ليس من صلب الشَّهادة، وإنَّما هو لإسقاط مؤنة اللوم عن القاضي، فإن بدونه القاضي يتلوَّم زماناً» (٨).

«وكذا على قيام يده» (٩)؛ أي: يكتفى بالشَّهادة على قيام يده.

وقوله: «على ما نذكره»، إشارة إلى ما ذكر بعده بقوله: «لأنَّ الأيدي عند الموت تنقلب يد ملك، والأمانة تصير مضمونة بالتحميل» (١٠)، بأنَّ يموت المودع من غير بيان الوديعة، فإنَّها وديعة لفلان، وذلك لأنَّه لما مات بدون البيان، فقد ترك الحفظ، والمودَع إذا ترك حفظ الوديعة كان متعدياً، والتَّعدي موجب للضمان، ثم لما صار المودَع ضامناً صار المضمون ملكاً له، فثبت أن الشَّهادة على اليد عند الموت شهادة على الملك عند الموت، والملك الثابت عند الموت ينتقل إلى الوارث ضرورةً؛ [ولذلك] (١١) استغني عن ذكر الجر في الشَّهادة. إلى هذا أشار الإمام قاضي خان وغيره (١٢).


(١) في «س»: [شهدا].
(٢) في «ج»: [فقد].
(٣) في «س»: [رحمه الله].
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٣٧٨).
(٥) في «ج»: [شرطت].
(٦) في «ج»: [يعلم].
(٧) المحيط البرهاني (٨/ ٣٧٠).
(٨) المحيط البرهاني (٨/ ٣٧٠).
(٩) الهداية (٣/ ١٢٨).
(١٠) الهداية (٣/ ١٢٨).
(١١) في «س»: [فلذلك].
(١٢) ينظر: تبيين الحقائق (٤/ ٢٣٦)، رد المحتار (٧/ ٢١٦).