للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«هذا إذا شهدا بالبيع ولم يشهدا بنقد الثمن، فأمَّا إذا شهدا بالبيع ونقد الثمن ثم رجعا عن شهادتهما، فهذا على وجهين:

الأول: أن يشهدا على البيع وإيفاء الثمن بشهادة واحدةٍ، بأن شهدا أنَّه باع هذه الدار منه بألف درهم وأوفاه الثمن، وفي هذا الوجه القاضي يقضي عليهما بقيمة المبيع للبائع، ولا يقضي بالثمن.

والثاني: أن يشهدا على البيع وإيفاء الثَّمن بشهادتين مختلفتين، بأنْ شهدا على البيع أولا، ثم [شهدا] (١) أنَّ المشتري أوفاه الثَّمن، وفي هذا الوجه القاضي يقضي عليهما بالثمن للبائع.

والفرق بينهما أنَّهما إذا شهدا بالبيع وإيفاء الثمن بشهادة واحدة فالمقضي به المبيع دون الثمن؛ لأنَّه لا يمكن للقاضي القضاء بإيجاب الثمن؛ لأنَّه لا يقارن القَضاء بالثمن ما يوجب سقوطه، وهو القضاء بالإيفاء.

ولهذا قلنا: لو شهد شاهدان على رجل أنَّه باع عبده من هذا الرجل وأقاله، بأن شهدا على البيع والإقالة بشهادة واحدة، فالقاضي لا يقضي بالبيع؛ لأنَّه قارن القضاء بالبيع ما يوجب انفساخه، وهو القضاء بالإقالة، كذا ههنا؛ فلذلك ضمنا قيمة المبيع عند الرجوع دون الثمن؛ لأن المبيع هو المقضي به، وزال المبيع بلا عوض فيضمنان.

وأمَّا إذا شهدا بالبيع وإيفاء الثمن بشهادتين مختلفتين [فالثمن] (٢) يقضى به؛ لأنَّ القضاء/ بالثمن ممكن؛ لأنَّه لم يقارن القضاء بالثمن ما يوجب سقوطه؛ لأنَّ حال ما شهدا بالبيع لم يشهدا بالإيفاء وإنَّما شهدا بالإيفاء بعد ذلك وإذا صار الثمن مقضياً به فإذا رجعا عن شهادتهما ضمنا الثمن [ولم] (٣) يضمنا قيمة المبيع، وإن صار المبيع مقضياً به في هذه الحالة مع الثمن؛ لأن إزالة المبيع حصلت بعوض، فلا يضمنان قيمة المبيع ويضمنان الثمن؛ لأنَّ الثمن مقضي به». كذا في الذَّخيرة (٤).

«ولا فرق بين أن يكون البيع باتا أو فيه خيار البائع؛ لأن السبب هو السابق» (٥) هذا كله جواب لسؤال مقدر.

ذلك السؤال والجواب في المبسوط (٦)، وقال: «إذا شهد شاهدان على الرجل أنَّه باع عبده هذا بألف درهم وهو يساوي بألفين على أنَّ البائع بالخيار ثلاثة أيام فقضى القاضي بذلك، ثُم مضت الثلاث فوجب البيع، ثم رجعا عن شهادتهما ضمنا فضل ما بين القيمة والثمن لأنَّهما [أتلفاه] (٧) بشهادتهما بغير عوض.


(١) سقط من: «س».
(٢) في «ج»: [والثمن].
(٣) في «ج»: [لم].
(٤) المحيط البرهاني (٨/ ٥٦١ - ٥٦٢).
(٥) الهداية (٣/ ١٣٣).
(٦) المبسوط (١٦/ ١٩٣).
(٧) سقط من: «ج».