للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل:/ ينبغي أن يقع الشراء للموكل عند الإطلاق؛ لِأَنَّ الكلام لحقيقته (١) فِي الأصل فلما تردّد بين الحقيقة والمجاز ينبغي أن يحمل على الحقيقة (٢) كما هو الأصل، وفيما نحن فيه لو وقع الشراء لموكله كان الشراء محمولاً على حقيقته وهي المعاوضة، ولو وقع الشراء للعبد كان الشراء محمولاً (٣) بمجازه؛ لِأَنَّ الشراء غير موضوع للإعتاق بل هو موضوع للمعاوضة.

قلنا: عارضت [جهة أصالة الحقيقة] (٤) جهة أصالة أخرى وهي أن الأصل أن تصرف الإنسان فِي الأصل أن يقع لنفسه (٥)، ثم رجحنا هذه الجهة بعد المعارضة بحسب مقصود البائع ظاهراً وهو أن لا يفوت ولاء العبد منه، فإنه على تقدير وقوع الشراء للموكل يفوت هذا الغرض كما قلنا فوقع الشراء للعبد لذلك أو نقول: لما وقع التعارض بين الأصلين كما ذكرتم رجحنا جانب الإعتاق لِأَنَّهُ مندوب إليه والمعاوضة مباحة محضة (٦).

وذكر فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (٧) (٨): فإن قيل: العبد هنا وكيل بشراء شيء بعينه والوكيل بشراء شيء بعينه لا يملك [الشراء] (٩) لنفسه خصوصاً فِي فصل الإطلاق، والأولى أن لا يقع الشراء [لنفسه؛ لِأَنَّهُ لما لم يقع الشراء] (١٠) للوكيل عند التصريح بأنه [يشتري] (١١) لنفسه لما مرّ فالأولى أن لا يقع لنفسه عند الإطلاق.

قلنا: هذا هكذا إِذَا لم يتنوّع التصرف بأنّ كل واحد منهما شراء، أما إِذَا تنوّع بأن كان أحدهما شراء والآخر هبة فلا، وما نحن بصدده الموجود من العبد بتقدير الإضافة إلى الموكل شراء وبتقدير الإطلاق والإضافة إلى نفسه قبول الإعتاق والدليل على هذا أنا أجمعنا على أنه إِذَا باع نفس العبد من العبد ومن أجنبي بطل البيع من الأجنبي؛ لكونه جمعاً بين البيع والإعتاق وإنما يكون جمعًا بينهما إِذَا كان البيع من العبد إعتاقاً فلهذا التنوع كان الشراء للعبد دون الآمر وفيما إِذَا أضاف الشراء إلى الموكل كان الثمن فِي ذمّة العبد حتى يكون مطالباً به لِأَنَّهُ العاقد ويرجع به على الآمر.


(١) يُنْظَر: أصول السرخسي (٢/ ٤٣).
(٢) يُنْظَر: كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي (٢/ ٦٠).
(٣) [معمولاً] من (أ) و (ب).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) يُنْظَر: الأشباه والنظائر (١/ ٤٣١).
(٦) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٦٨١).
(٧) كتاب الْفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة وهو فوائد على الجامع الصغير للحسام الشهيد سماها الْفَوَائِد الظَّهِيرِيَّة فِي الفقه، وهو لظهير الدين أبي بكر مُحَمَّد بن أحمد القاضي الفقيه الأصولي، ومن كتبه أيضا الفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّة، (ت ٦١٩ هـ).
يُنْظَر: الجواهر المضية (٢/ ٢٠)، كشف الظنون (رقم ١٢٩٨)، معجم المؤلفين (٨/ ٣٠٣).
(٨) يُنْظَر: بدائع الصنائع (٦/ ٣١)، الاختيار لتعليل المختار (٢/ ١٥٩)، البحر الرائق (٧/ ١٣٩).
(٩) في (أ) و (ب) (الشرط).
(١٠) [ساقط] من (ج).
(١١) [ساقط] من (ج).