للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي البيوع أنه يكون ردًّا على الموكل؛ لأنهما فعلا عينَ ما يفعله القاضي لو رُفِعَ الأمر إليه/ فإنهما لو رفعا الأمر إلى القاضي فِي عيب لا يحدث أصلاً ولا يحدث فِي تلك المدة فإن القاضي يردّه عليه ولا يكلّفه إقامة الحجة على ذلك ويكون ردًا على الموكّل كذلك هاهنا وجه عامة الروايات أنّ الردّ بغير قضاء بمنزلة البيع المبتدأ ولو اشتراه منه حقيقة لا يرد.

وقوله (١): بأنهما فعلا عين ما يفعله القاضي.

قلنا: هذا الردّ حصل تمليكًا وتملكًا بالتراضي وليس باستيفاء لعين الحق؛ لِأَنَّ حق المشتري فِي الجزء الغائب لا فِي الردّ فكان بيعًا ما أمكن، وإنما يجعل فسخًا إِذَا تعذر جعله بيعًا فِي حق الثالث وفيما إِذَا كان بعضا تعذر جعله بيعًا؛ لانعدام الرضاء كذا ذكره الإمام الْمَرْغِينَانِيُّ وقَاضِي خَانْ (٢) وهذا هو الذي أحال بيانه إلى الكِفَايَةِ (٣).

قوله: (وَلَا دَلَالَةَ على الْإِطْلَاقِ) (٤) أي: مبنى الوكالة على التقييد حيث لا تثبت الوكالة بدون التقييد أي: ما لم يقل: وكلتك ببيع هذا الشيء لا يكون وكيلاً ببيع ذلك الشيء ألا ترَى أنه لو قال لغيره وكلتك بمالي أو فِي مالي لم يكن له أن يتصرف فيه بشيء بل يملك بهذا اللفظ الحفظ فقط أما لو دفع المال مضاربة بالنصف كان للمضارب أن يتصرف فيه ما بدا له من التجارة، فمن ادّعى الإطلاق فِي المضاربة كان مدعياً لما هو الأصل فيها فكان القول قوله ومن ادّعى [التقييد] (٥) فِي الوكالة كان مدعياً لما هو الأصل فيها فكان القول قوله ذكره الإمام قَاضِي خَانْ (٦) -رحمه الله- وغيره إلى أي أجل كان عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- عملاً بالإطلاق فإن إطلاق اللفظ فِي التوكيل بالبيع معتبر.

(عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وَعِنْدَهُمَا يَتَقَيَّدُ بِأَجَلٍ مُتَعَارَفٍ والوَجْهُ قَد تَقَدَّم) (٧) أي: الوجه من الجانبين، قد تقدّم فِي مسألة (الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرَ وَالْعَرَضِ عِنُدَ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- وَقَالَا: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنُقْصَانٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ) (٨) أَوْ أَخَذَ بِهِ كَفِيلًا فَتَوِيَ (٩) الْمَالُ عَلَيْه.


(١) هو محمد بن الحسن الشيباني. يُنْظَر: المحيط البرهاني (٧/ ٢٥).
(٢) يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (١٩/ ٣).
(٣) لعله يقصد كتاب كفاية المنتهي للإمام الْمَرْغِينَانِيّ -رحمه الله-.
(٤) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٧).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) يُنْظَر: فتاوى قاضيخان (١٩/ ٣).
(٧) يعني: عنده خلافاً لهما. يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٤٨).
(٨) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٢).
(٩) الْحَوَالَةُ: نَقْلُ الدَّيْنِ من ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ. يُنْظَر: البحر الرائق (٦/ ٢٦٦).