للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي المَبْسُوط (١) صحة هذا الاستثناء فِي ظاهر الرواية وعن أبي يُوسُف -رحمه الله- (٢) أنه لا يصح؛ لِأَنَّ من أصله أن صحة الإقرار باعتبار قيام الوكيل مقام الموكل وهذا حكم الوكالة فلا يصح استثناؤه كما لو وكّل بالبيع على أن لا يقبض الوكيل الثمن كان الاستثناء باطلاً فأمّا فِي ظاهر الرواية فالاستثناء صحيح، لِأَنَّ صحة إقرار الوكيل باعتبار ترك حقيقة اللفظ إلى نوع من المجاز فهو بهذا الاستثناء يبين أنَّ مراده حقيقة الخصومة لا الجواب الذي هو مجاز بمنزلة بيع أحد الشريكين نصف العبد شائعًا من النصيبين أنه لا ينصرف إلى نصيبه خاصة عند التنصيص عليه بخلاف ما إِذَا أطلق، وكذا لو وكَّله بالجواب مطلقاً فهذه مسألة مبتدأة خلافية ليس إيرادها على وجه الاستشهاد يعني لو وكَّله بالجواب مطلقاً فهو على هذا [الجواب] (٣) أيضاً كذا فِي المُخْتَلِفَاتِ البُرْهَانِيَّةِ (٤).

(وجْهُ الاستحسانِ أنَّ التوكيلَ صحيحٌ قَطعًا) (٥) أي: التوكيل بالخصومة صحيح من كل وجه بالإجماع (٦) (وصِحَّتُهُ بتناوُلِهِ ما يملكه قطعًا) (٧) أي: ما يملك الموكل من كل وجه كما إِذَا وكَّل أحد الشريكين فِي العبد المشترك بينهما يبيع نصفه رجلاً ينصرف التوكيل إلى النصف الذي يملكه الموكل لا إلى النصف الشائع صرفاً للتوكيل إلى [ما] (٨) يملكه الموكل [وما يملكه الموكل] (٩) هاهنا مطلق الجواب من الإقرار والإنكار لا الإقرار عينًا لا غير والإنكار عينًا لا غير فإن المدّعي إِذَا كان مبطلاً فِي دعواه يجب الإنكار لا غير، ولو كان محقًا يجب الإقرار لا غير فعلم بهذا أنَّ مالكية الموكل فِي أحد نوعي الجواب من الإنكار والإقرار دائرة مع بطلان الدعوى وحقيقتها فكذلك وكيله لِأَنَّ الوكيل قائم مقام الموكل فعلم بهذا أنَّ ما يملكه الموكل مطلق الجواب بهذا الطريق فكذلك وكيله (وَطَرِيقُ الْمَجَازِ مَوْجُودٌ) أي: بين الخصومة ومطلق الجواب (عَلَى [مَا] (١٠) نُبَيِّنُهُ) وهو قوله: (وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ التَّوْكِيلَ يَتَنَاوَلُ جَوَابًا يُسَمَّى خُصُومَةً) إلى آخره (١١) (فَيُصْرَفُ إلَيْهِ) (١٢) أي: فيصرف التوكيل بالخصومة إلى مطلق الجواب الذي هو المجاز (وَلَوِ اسْتَثْنَى الْإِقْرَارَ، فَعَنْ أَبِي يُوسُف -رحمه الله- أَنَّهُ لَا يَصِحُّ) أي: أن الاستثناء (لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) (١٣) أي: لِأَنَّ الموكل لا يملك الإنكار عينًا لِأَنَّهُ لا يعلم أن الإنكار حقه عينًا لِأَنَّهُ إنما يكون الإنكار حقه عينًا إِذَا علم أنّ المدعي مبطل فِي دعواه عينًا فلو صحّ استثناء الإقرار يبقى توكيلاً بالإنكار عينًا وهو لا يملكه لما قلنا فلا يملك التوكيل به.


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٤).
(٢) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥١)، تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٨٠).
(٣) في (أ) و (ب) (الخلاف).
(٤) يُنْظَر: المحيط البرهاني للإمام برهان الدين ابن مازة (٨/ ٧٨٠).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥١).
(٦) بالإجماع يقصد بهم: الإمام أبي حَنِيفَةَ، صاحبيه: أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني.
يُنْظَر: الفتح المبين في تعريف مصطلحات الفقهاء والأصوليين (٥٥)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٤).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥١).
(٨) [ساقط] من (ب).
(٩) [ساقط] من (ج).
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) (حقيقة أو مجازا والإقرار في مجلس القضاء خصومة مجازا إما لأنه خرج في مقابلة الخصومة أو لأنه سبب له لأن الظاهر إتيانه بالمستحق عند طلب المستحق وهو الجواب في مجلس القضاء فيختص به) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٣) يُنْظَر: المرجع السابق.