للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: أن يوكله بالخصومة غير جائز الإقرار وقد ذكرنا أنَّ فِي هذا الوجه يصير وكيلاً بالإنكار وعلى قول أبي يُوسُف -رحمه الله- أن هذا الاستثناء لا يصح وقد ذكرنا وجه الطرفين.

والثالث: أن يوكله بالخصومة غير جائز الإنكار وفِي هذا الوجه يصير وكيلاً بالإقرار ويصح الاستثناء فِي ظاهر الرواية وهذا لِأَنَّ الموكل ربما يضرّه الإنكار بأن كان المدّعى به أمانة ولو جحد الوكيل جحودًا أصلياً لا يصح دعوى الردّ بعد ذلك.

وقيل: الجحود يصح دعوى الردّ [فِي التوكيل بالأقرار] (١) فيصح استثناء الإنكار كما يصح استثناء الإقرار وعن أبي يُوسُف -رحمه الله- أنه لا يصح استثناء الإنكار.

والرابع: أن يوكله بالخصومة جائز الإقرار عليه وفِي هذا الوجه يصير وكيلاً بالخصومة والإقرار حتى لو أقرّ صح إقراره على الموكل عندنا (٢) خلافاً للشَّافِعِيِّ -رحمه الله- (٣) ويجب أن يعلم بأنَّ التوكيل بالإقرار صحيحٌ عندنا فلا يصير الموكل مقراً بنفس التوكيل عندنا ذكر مُحَمَّد -رحمه الله- المسألة فِي بَابِ الوكالة بالصلح حكى عن الشيخ الإمام أحمد الطَّوَاوِيسِي -رحمه الله- (٤) أنه كان يقول معنى التوكيل بالإقرار أن يقول الموكل للوكيل [وكلتك] (٥) أن تخاصم وتذبّ عني وإِذَا رأيت مذمة تلحقني بالإنكار واستصوبت الإقرار فأقر [علي] (٦) فإني قد أجزت ذلك.

والخامس: إِذَا قال: وكلتك بالخصومة غير جائز الإقرار والإنكار، وقد اختلف المتأخرون فيه: بعضهم قالوا: لا يصح هذا التوكيل أصلاً؛ لِأَنَّ التوكيل بالخصومة توكيل بجواب الخصومة، وجواب الخصومة إقرار وإنكار فإِذَا استثنى كليهما لم يفوّض إليه شيئاً.

وحكى عن القاضي الإمام صَاعِدِ النَّيْسَابُورِيِّ -رحمه الله- (٧) أنه/ قال: يصح التوكيل ويصير الوكيل وكيلاً بالسكوت (٨) متى حضر مجلس [الحكم] (٩) حتى يسمع البينة عليه، وإنما يصح التوكيل بهذا العذر؛ لِأَنَّ ما هو مقصود الطالب وهو الوصول إلى حقه بواسطة إقامة البينة يحصل به (وَمَنْ كَفَلَ بِمَالٍ عَنْ رَجُلٍ) (١٠) إلى آخره صورة المسألة ما إِذَا وكَّل رب الدين كفيلاً عن المديون بقبض المال عن المديون لا يصح توكيله أبدًا حتى لو هلك المال فِي يده لا يهلك على الموكل وقوله: (أَبَدًا) (١١) أي: قبل براءة الكفيل وبعدها أما قبل البراءة فللمعنى الذي ذكر فِي الْكِتَابِ (١٢).


(١) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٢) أي عند الأحناف.
(٣) يُنْظَر: الفتاوى الفقهية الكبرى؛ للهيثمي (٣/ ٨٧)، المجموع شرح المهذب (١٤/ ١٦٣).
(٤) أحمد بن مُحَمَّد بن حامد بن هاشم، أبو بكر، الطواويسي، فقيه حنفي. روى عن مُحَمَّد بن نصر المروزي. وروى عنه نصر بن مُحَمَّد بن غريب الشاشي وأحمد بن إدريس وغيرهما. والطواويسي نسبة إلى طواويس قرية من قرى بخاري (ت ٣٤٤ هـ). ينظر: الجواهر المضية (١/ ١٠٠)، الفوائد البهية (٣١).
(٥) [ساقط] من (ج)
(٦) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٧) صاعد بن محمد بن أحمد، أبو العلاء، عماد الاسلام: فقيه حنفي. ولي قضاء نيسابور مدة، وتوفي بها. وانتهت إليه رئاسة الحنفية بخراسان، في زمانه (ت ٤٣٢ هـ). يُنْظَر: الفوائد البهية (٨٣)، تاريخ بغداد (٩/ ٣٤٤).
(٨) يُنْظَر: نتائج الأفكار (٨/ ١٢٩).
(٩) في (ج) (القاضي).
(١٠) (ومن كفل بمال عن رجل فوكله صاحب المال بقبضه عن الغريم لم يكن وكيلا في ذلك أبدا ومن ادعى أنه وكيل الغائب في قبض دينه فصدقه الغريم أمر بتسليم الدين إليه فإن حضر الغائب فصدقه وإلا دفع إليه الغريم الدين ثانيا ويرجع به على الوكيل إن كان باقيا في يده وإن كان ضاع في يده لم يرجع عليه إلا أن يكون ضمنه عند الدفع) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(١١) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٢) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي. يُنْظَر: الهِدَايَة شرح بداية المبتدي (٣/ ١٥١).