للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (١) فِي فصل الوديعة إِذَا لم يؤمر بالتسليم ومع هذا سلّم ثُمَّ أراد الاسترداد هل له ذلك ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٢) أنه لا يملك (٣) الاسترداد؛ لِأَنَّهُ ساعٍ فِي نقض ما أوجبه وقال أيضاً وإِذَا لم يؤمر المودع بالتسليم ولم يسلم حتَّى ضاعت فِي يده هل يضمن؟

قيل: لا يضمن وكان ينبغي أن يضمن؛ لِأَنَّ المنع من وكيل المودع فِي زعمه بمنزلة المنع من المودع والمنع من المودع يوجب الضمان فكذا من وكيله (لَا يَبْقَى مَالَهُ) بالنصب هكذا كان معرباً بإعراب شيخي -رحمه الله- أي: لا يبقى مال الوديعة مال المودع (بَعْدَ مَوْتِهِ) أي: منسوباً إليه ومملوكًا له فكان انتصابه على تأويل الحال كما فِي كلمته فاه إلى فيّ أي مشافهاً مادام حياً أي: مادام المودع حيًّا (لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ) أي: لِأَنَّ المودع من أهل الملك (فَلَا يُصَدِّقَانِ) أي: مدّعي الشراء والمودع المصدق لشراه (عليه) أي: على المودع (فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِ) (٤) أي: يدفع الغريم الدّين إلى الوكيل بقبض الدين (لِأَنَّ الْوِكَالَةَ قَدْ تَثَبَتْ) (٥) وكذلك الوكيل يطلب الشفعة إِذَا ادّعى المشتري أنّ الشفيع سلّم وأراد يمينه يؤمر بتسليم الدار إلى الوكيل ويقال له: اتبع الشفيع وحلفه؛ لِأَنَّ الوكالة قد تثبت.

فإن قيل: لا نسلم أن الوكالة قد تثبت فبأي دليل يعلم ثبوت الوكالة ولو قيل: بسبب ادّعاء المديون (أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدِ اسْتَوْفَاهُ) (٦) فذلك لا يصلح دليلا على صحة ثبوت الوكالة بل هو دليل على عدم صحة الوكالة لِأَنَّ الدين إِذَا كان مستوفى من جانب من له الحق كان التوكيل بالاستيفاء به باطلاً لا محالة فكيف تثبت الوكالة بهذه الدّعوى.

قلنا: لما ادّعى الغريم استيفاء رب الدين دينه كان هو معترفاً لأهل الحق ألا ترَى أن قول المدعى عليه قد قضيتكها إقرار بالدّين عند دعوى المدّعي ذلك فلما ثبت الدين بإقراره ولم ينكر الوكالة كان للوكيل ولاية الطلب فيُقضى عليه بالإيفاء كما لو ادّعى استيفاء رب الدّين عند دعواه بنفسه كان يقضى عليه بالإيفاء فكذا عند دعوى وكيله لِأَنَّ الوكيل قائم مقام الموكل (وَيَتْبَعُ رَبُّ الْمَالِ) (٧) أي: يتبع المديون رب الدين (رِعَايَةً لِجَانِبِهِ) أي: لجانب الغريم وهو المديون (وَلَا يَسْتَحْلِفُ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ) (٨) والنِّيَابة لا تجري فِي الأيمان (٩).


(١) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٠٠)، نتائج الأفكار (٨/ ١٣٥).
(٢) يُنْظَر: شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ للصدر الشهيد (٤٨٠ - ٤٨٢).
(٣) [ذلك] ساقط من (ب) والمعنى يستقيم بدونه.
(٤) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٥) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(٦) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(٧) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(٩) يُنْظَر: تخريج الفروع على الأصول (ص: ٨٣).