للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض مشائخنا قالوا: هذا على قول مُحَمَّد -رحمه الله- فأمّا على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- لا سبيل للآمر على الجارية، و بعضهم قالوا هذا قول الكل وهو الأصح ووجهه أن نقض القاضي هنا البيع لم يكن بناء على دليل موجب للنقض، وإنّما كان لجهله بالدليل المسقط للردّ وهو رضاء الآمر بالعيب ثُمَّ ظهر الدليل بخلافه وفِي مثل هذا لا ينفذ القضاء باطنًا كما لو قضى فِي حادثة باجتهاده وثمة نص بخلافه ذكر هذه المسألة فِي المَبْسُوط (١) فِي البَابِ الأول من كِتَابِ الْوَكَالَة وفِي أنواع الفصل التاسع من كِتَابِ الْوَكَالَة من الذَّخِيرَةِ وفِي آخر بَابِ الوكالة بالبيع والشراء من كتاب البيوع من شروح الجامع الصغير (٢).

وقوله: (لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْفَسْخِ مَاضٍ على الصِّحَّةِ وَإِنْ/ ظَهَرَ الْخَطَأُ عِنْدَ أبي حَنِيفَةَ (-رحمه الله- (٣) قيل هذا من فروع ما ذكر من قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أنّ قضاء القاضي بشهادة الزور ينفذ ظاهراً وباطنًا [فِي العقود والفسوخ وهاهنا أيضاً لما قضى القاضي بالفسخ [نفذ] (٤) الفسخ ظاهراً وباطنًا] (٥) عنده وإن ظهر خطؤه عند نكول المشتري عن الحلف بأنّه ما رضي بعيب الجارية فلا يفيد استحلاف المشتري [فائدته فلذلك لا يستحلف هو عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله-.

(وَأَمَّا عِنْدَهُمَا قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَتَّحِدَ الْجَوَابُ فِي الْفَصْلَيْنِ) (٦) (٧) أي: فِي فصل الوكيل بقبض الدين وفِي فصل الوكيل برد الجارية (٨) أي: كما يدفع الدين إلى الوكيل بدون تأخير أن يحلف ربّ الدّين بأنه لم يستوف كذلك يرد الجارية على البائع بدون تحليف المشتري بأنّه لم يرض بعيب الجارية وذلك؛ لِأَنَّ معنى عدم تأخير دفع الدين إلى تحليف [رب] (٩) الدين كان هو احتمال التدارك عند ظهور الخطأ واحتمال التدارك فِي قضاء القاضي [بردّ الجارية على البائع بالعيب عند ظهور خطأ قضاء القاضي] (١٠) موجود عندهما؛ لِأَنَّ قضاء القاضي عندهما فِي مثل هذا وهو فيما إِذَا ظهر خطأ قضاء القاضي إنما ينفذ ظاهراً لا باطنًا كما إِذَا ظهر أن قضاءه كان بشهادة الزور فإِذَا ظهر خطأ القضاء عند نكول المشتري عن الحلف بأنّه لم يرض كانت الجارية مردودة على المشتري بعد كونها مردودة على البائع بالعيب (لِبُطْلَانِ الْقَضَاءِ) (١١) باطلاً عندهما فلذلك (لَا يُؤَخَّرُ) قضاء القاضي بردّ الجارية على البائع أي: تحليف المشتري (لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ النَّظَرَ [أي: النظر] (١٢) للبائع (حَتَّى يَسْتَحْلِفَ الْمُشْتَرِيَ) أي: القاضي (فَيَنْتَظِرُ لِلنَّظَرِ) (١٣) إن البائع فعل هذا ينبغي أن ينظر فِي الدّين نظراً للغريم (فَالْعَشَرَةُ بِالْعَشَرَةِ) (١٤) أي: فالعشرة التي أنفقها الوكيل من عند نفسه بمقابلة العشرة التي أخذها من الموكل أي: لا يكون الوكيل متبرعًا فيما أنفق بل ما أخذه من الموكل يكون ملكًا للوكيل وقال الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيّ: -رحمه الله- هذا إِذَا كانت عشرة الدافع قائمة [عند] (١٥) وقت شرائه النفقة وكان يضيف العقد إليها أو كان مطلقاً لكن كان ينوي تلك العشرة، أمّا إِذَا كانت عشرة الدافع مستهلكة أي كان يشتري النفقة بعشرة نفسه ويضيف العقد إليها يصير مشترياً لنفسه ويكون متبرّعًا بالإنفاق؛ لِأَنَّ الدراهم تتعين (١٦) فِي الوكالة وكذا لو أضاف العقد إلى غيرها (؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِنْفَاقِ وَكِيلٌ بِالشِّرَاءِ وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَاهُ) (١٧) أي: الحكم فِي الوكيل بالشراء وهو أَ نْ يشتري الوكيل ما وكَّل به بمال نفسه [ثم رجع] (١٨) به على الموكل (وَقَدْ قَرَرْنَاهُ) (١٩) أي: فِي بَابِ الوكالة بالبيع والشراء فِي قوله: (وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرِاءِ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَقَبَضَ الْمَبِيعَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ) (٢٠) وإنما قلنا: أنّ التوكيل بالشراء تجويز للاستبدال؛ لِأَنَّ الوكيل بشراء ما يحتاج إليه الأهل قد يضطر إلى شيء يصلح [لنفقتهم] (٢١) ولم يكن مال الموكل معه فِي تلك الحالة لإنفاق وجود ذلك الشيء فِي تلك الحالة أو يطالبه الأهل بذلك المال فِي زمان لا يكون مال الموكل معه فيحتاج إلى أن يؤدّي ذلك من مال نفسه [وذكر] (٢٢) مسألة التوكيل بقضاء الدين إِذَا قضى الدين من مال نفسه فِي وكالة المَبْسُوط (٢٣) فِي بَابِ الوكالة فِي الدين وذكر فيها القياس والاستحسان.


(١) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ١٥).
(٢) يُنْظَر: البحر الرائق (٧/ ١٨٦).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(٤) فِي (أ) (بعد). يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٧٩).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٩) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٠) [ساقط] من (ج)
(١١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(١٢) [ساقط] من (أ) و (ج).
(١٣) يُنْظَر: المرجع السابق.
(١٤) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٣).
(١٥) [ساقط] من (أ) و (ب).
(١٦) تعيين الدراهم والدنانير في حق الاستحقاق لا غير فإنهما يتعينان جنسا وقدرا ووصفا. يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٧/ ٣٢٠).
(١٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(١٨) في (أ) و (ب) (لم يرجع).
(١٩) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٢٠) يُنْظَر: بِدَايَةُ المُبْتَدِي (١/ ١٦٠).
(٢١) فِي (أ) (لنفقته).
(٢٢) في (ج) (وحكم).
(٢٣) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٩/ ٩٩).