للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَفِي الْقِيَاسِ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا)؛ لِأَنَّ أمره بالدفع كان مقيدًا بالمال المدفوع إليه وفِي دفع مال آخر هو كأجنبي آخر فيكون متبرعًا فِي القضاء من مال نفسه دين الغريم ويرد على المطلوب ماله؛ لِأَنَّهُ ملكه دفعه إليه المقصود وقد استغنى عنه وجه الاستحسان أن مقصود الآمر تحصيل البراءة لنفسه ولا فرق فِي هذا فِي المقصود بين الألف المدفوع إلى الوكيل وبين مثلها من مال الموكل والتقييد إِذَا لم يكن مفيدًا لا يعتبر ثُمَّ الوكيل قد يبتلى بهذا بأن يجد الطالب فِي موضع وليس معه مال المطلوب فيحتاج إلى أن يدفع مثله من مال نفسه ليرجع به فِي المدفوع إليه فكان هذا توكيلاً بالمبادلة من وجه وهذا القدر يصح من الوكيل بالمبادلة ولا يكون هو متبرعًا فيما يدفع.

وقيل: هذا استحسان وإنّما ذكر بقوله: (وقيل) احترازًا عن القول الثاني وهو قوله: (وَقِيلَ: الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانْ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ) (وَفِي الْقِيَاسِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) (١) أي: ليس للوكيل انفاق عشرة نفسه بمقابلة عشرة الموكل [بل] (٢) إِذَا أنفق عشرة نفسه كان متبرعًا فيما أنفق ويرد الدراهم المأخوذة على الموكل وإن استهلكها ضمن وجه القياس أنّ الدراهم تتعين فِي الوكالة حتّى/ لو هلكت الدراهم قبل الإنفاق تبطل الوكالة فإِذَا أنفق من مال نفسه [فقد أنفق بغير أمره] (٣) فيكون متبرعًا [كمن [وكَّل] (٤) رجلاً ليشتري له عبدًا بألف درهم ودفعها إليه فاشترى عبدًا بألف درهم من مال نفسه يكون مشترياً] (٥) بنفسه وقد ذكر وجه الاستحسان بقوله: (لِأَنَّ الوكيل بالإنفاق وكيل بالشراء وقيل القياس والاستحسان فِي قضاء الدين) وهو أن يدفع المديون إلى رجل ألف درهم وقال ادفعها إلى فلان قضاء عني فدفع الوكيل غير ذلك من مال نفسه قضاء عنه فِي القياس يكون متبرعًا حتّى إِذَا أراد المأمور أن يحبس الألف التي دفعت إليه لا يكون له ذلك وفِي الاستحسان له ذلك ولا يكون متبرعًا.

وقوله: (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشِرَاءٍ) (٦) فلَمَّا لَمْ يَكُنْ قَضَاءُ الدَّيْنِ شِرَاءً لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ رَاضِيًا بِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ لِلْوَكِيلِ فَلَوْ لَمْ نَجْعَلْهُ مُتَبَرِّعًا لَأَلْزَمْنَاهُ دَيْنًا لَمْ يَرْضَ بِهِ فَجَعَلْنَاهُ مُتَبَرِّعًا قِيَاسًا.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) [ساقط] من (ج).
(٤) فِي (ب) (أمر).
(٥) [ساقط] من (ج).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٢).