للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم الله تعالى [قصد جزء] (١) الأعمال على السعي بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} (٢) والسعي/ أمر وجودي فلابدّ أن يكون الانتهاء أمراً وجودياً أيضاً حتى يكون مثاباً به وليس تقدير الفعل فِي الانتهاء إلا بأن يجعل المتمكن مكان المنشئ للفعل؛ لِأَنَّهُ هو فِي الحقيقة إبقاء العدم على العدم الأصلي.

وأمّا إِذَا كان التصرف لازمًا لا يتأتى هذا المعنى؛ لِأَنَّ المتصرف لا يتمكن فِي كل لحظة من الفسخ والعزل فلا يجعل امتناعه عن العزل بمنزلة الابتداء والإنشاء لذلك الفعل؛ لِأَنَّ الشيء إنما يقدر تقديرًا أن لو تصور تحقيقاً (٣) وله نظائر فِي اليمين الغموس والمنعقدة فإنّ القول بالانعقاد ثُمَّ الحنث فِي حق الكفارة من الأيمان فيما إِذَا تصور [بره] (٤) فِي الجملة، وأمّا إِذَا لم يتصوّر كما فِي الغموس لم يقل بالانعقاد والحنث لعدم تصوّر الأصل الذي هو البرّ وكذلك وجوب قضاء الصلوات إنما يتحقّق فِي حق من يتصوّر وجوب أدائها فِي الجملة.

وأمّا إِذَا لم يتصوّر وجوب أدائها فلم يقل فيها بوجوب القضاء؛ لِأَنَّ وجوب القضاء مترتب على وجوب الأداء والأداء إنما يجب إِذَا تصوّر أداؤه فِي الجملة ولما كان [لدوام] (٥) التوكيل الذي هو غير لازم حكم الابتداء وجب أن يكون الموكل موكلاً فِي كل لحظة لتصوّر العزل منه فِي كلّ لحظة وذلك إنّما يكون أن لو كان الموكل صالحًا للتوكيل ثُمَّ ابتداء التوكيل لا يتصوّر من الميت فكذلك لا يبقى مع موت الموكل؛ لِأَنَّهُ ابتداء توكيل تقديري لما قلنا وكذلك لا يصح توكيل المجنون ولا توكيل المرتد الذي لحق بدار الحرب (فَلَابُدَّ مِنْ قِيَام الْأَمْرِ) أي: أمر الموكل بالتوكيل فِي كل ساعة (وَقَدْ بَطَلَ) أي: أمر التوكيل (بِهَذِهِ الْعَوَارِضِ) (٦) من الموت والجنون والارتداد.


(١) فِي (أ) (وهو جزء).
(٢) سورة النجم من الآية: (٣٩).
(٣) يُنْظَر: شرح فتح القدير؛ لابن الهمام (٢/ ١٦٦).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) [ساقط] من (أ) و (ج).
(٦) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٥٣).