للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: [تلك الفائدة] (١) ليست من موجبات العقد بل هي من موجبات نكول المشتري عن اليمين وليست اليمين من موجبات العقد حتى يكون النكول من موجباته بل موجب العقد هو ملك المعقود عليه للمشتري وهو حاصل فلا يتحالفان وهذا أيضاً أعني قوله: (وإنما يراعي من الفائدة ما يوجبه العقد) يصلح جواباً لما يرد من الشبهة على قوله: (ولأنّه لا يبالي بالإختلاف في السبب بعد حصول المقصود) بأن قيل هذا يشكل بما إذا ادّعى أحدهما البيع والآخر الهبة فإنّهما يتحالفان على ما ذكرنا من المَبْسُوط (٢) في تعليل مُحَمَّد -رحمه الله- فأجاب عنه بقوله: (وإنّما يراعي من الفائدة ما يوجبه العقد) (٣)، وليس التحالف هناك أيضاً من موجب العقد [بل موجب العقد] (٤) ثبوت الملك للموهوب له أو للمشتري، فإن قيل لو اعتبرنا لحصول المقصود من غير اعتبار لاختلاف السبب كان ينبغي أن لا يتحالفا عند قيام السلعة لأنّ المقصود وهو ملك المعقود عليه حاصل للمشتري حتّى لو كان جارية حلّ للمشتري وطئها.

قلنا: نعم كذلك لكن هو ثابت بالنصّ بخلاف القياس فقلنا به وهذا إذا كان الثمن دينًا بأن كان دراهم أو دنانير أو من المكيلات أو الموزونات الموصوفة الثابتة في الذمة (فإن كان عينًا) (٥) أي: فإن كان الثمن عينًا بأن كان الثمن [غير الدراهم والدنانير] (٦) وغير الموصوف من المكيلات والموزنات الثابتة في الذمة يعني إذا كان البيع بيع مقايضة فهلك المبيع يبقى جواز التحالف والمراد من هلاك المبيع في بيع المقايضة هلاك أحد العوضين لما أنّ المبيع غير متعيّن لكونه مبيعاً حينئذ؛ لأنّ كل واحد من [العوضين] (٧) مبيع وثمن والدليل على هذا ما ذكره بعده بقوله: (لأنّ المبيع في أحد الجانبين قائم) (٨) حيث سمّى القائم مبيعًا بعدما سمّى الهالك مبيعًا، ودخول الباء ليس بمعين للثمنية في العوضين المعينين لما ذكرنا في أوائل كتاب البيوع ولما كان كذلك كان حكم التحالف وهو التراد بقدر الإمكان ثابتًا (فيتحالفان) لقيام المبيع كما هو كاف لصحة الإقالة فكان كافياً للتحالف (وإن هلك أحد العبدين) (٩) أي: بعد قبضهما المشتري؛ لأنّه ذكر في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ (١٠) -رحمه الله- رجل اشترى عبدين وقبضهما ومات أحدهما ثُمَّ اختلفا في الثمن فالقول قول المشتري مع اليمين ثُمَّ قال بعد هذا في حجة مُحَمَّد -رحمه الله- (١١) بأنّه [يتحالفان عليهما بقوله: ولهذا لو هلك أحدهما قبل القبض يتحالفان، وبهذا يعلم أن بعض المبيع إذا هلك قبل القبض] (١٢) يتحالفان بالإجماع (١٣) (وفي الجامع الصغير القول قول المشتري) أي: فيهما (مع يمينه) (١٤) كذا ذكره الإمام الكشاني -رحمه الله- وإنّما أعاد ذكر لفظ الجامع الصغير (١٥)؛ لأنّ لفظ الجامع الصغير يقتضي أن يكون المستثنى منه يمين المشتري ولفظ المَبْسُوط (١٦) يقتضي أن يكون المستثنى منه عدم التحالف؛ لأن المذكور قبل الاستثناء هناك قوله: (لم يتحالفا) (١٧).


(١) [ساقط] من (ج).
(٢) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٣/ ٥٦).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٣).
(٤) [ساقط] من (ج).
(٥) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٦) [ساقط] من (ج).
(٧) [ساقط] من (ج).
(٨) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٣).
(٩) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(١٠) تصحيف والصحيح شرح الجامع الصغير؛ لقاضي خان. يُنْظَر: اللباب في شرح الكتاب (١/ ٣٦٣).
(١١) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٢/ ١٣٠)،
(١٢) [ساقط] من (ج).
(١٣) يُنْظَر: الاختيار لتعليل المختار (٢/ ١٣٠)، الفتاوى الهندية (٤/ ٣٣).
(١٤) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(١٥) يُنْظَر: الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير (١/ ٣٣٩).
(١٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٨/ ٢٥٣).
(١٧) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).