للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ (١) وتكلّم المشايخ في قوله: (إلا أن يشاء البائع أن يأخذ العبد الحي ولا يأخذ من ثمن الهالك شيئاً) (٢) على ما ذكر في الْكِتَابِ (٣).

وتكلّموا أيضاً أن هذا الاستثناء إلى ماذا ينصرف قال مشايخ بَلْخ -رحمهم الله- (٤): ينصرف إلى يمين المشتري ومعناه أنّ البائع يأخذ الحي منهما صُلحًا عمّا يدّعيه قبل المشتري من الزيادة فيجعل صلحهما على هذا العبد كصلحهما على عبد آخر وصار تقدير ما قال في الْكِتَابِ على قول هؤلاء لا يتحالفان عند أَبِي حَنِيفَةَ (٥) -رحمه الله-/ ويكون القول قول المشتري مع يمينه إلا أن يأخذه البائع الحي ولا يأخذ شيئاً آخر فحينئذ لا يحلّف المشتري قال شَيْخُ الْإِسْلَامِ المعروف بخُوَاهَرْ زَادَه -رحمه الله- (٦) إلا أنّ هذا لا يقوى؛ لأنّ الأخذ معلّق بمشيئة البائع (٧) ولو كان أخذ الحي بطريق الصلح لكان معلقاً بمشيئتهما وعامة مشايخنا (٨) على أن الاستثناء منصرف إلى التحالف وصار تقدير ما قال في الْكِتَابِ (٩) على قول هؤلاء لا يتحالفان عند أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- (١٠) إلا أن يشاء البائع أن يأخذ الحي ولا يأخذ من ثمن الميت شيئاً فيتحالفان وهذا؛ لأنّ المذكور التحالف دون [يمين] (١١) المشتري فكان صرف الاستثناء إلى المذكور أولى وبعضهم قالوا لا بل ينصرف إلى يمين المشتري على معنى أن البائع إذا رضي أن يأخذ الحي ولا يأخذ من ثمن الميت فحينئذ [لا] (١٢) يحلف المشتري؛ لأن المشتري إنّما يُحلّفُ إذا أنكر ما يدّعيه البائع والبائع إذا أعرض عن دعواه لا معنى لتحليف المشتري وقال الإمام الكشاني -رحمه الله- يأخذ البائع في حق الهالك من المشتري ما يقرّ به المشتري فحينئذ لا يحلّف لأن الاستحلاف إنّما شرع في حق المشتري إذا كان ينكر ما يدّعيه البائع من الزيادة فإذا ترك البائع دعوى الزيادة وأخذ الحي ورضي به المشتري فلا حاجة إلى استحلاف المشتري (١٣) والصحيح هو ترك دعوى الزيادة [من الثمن لا ترك ثمن الميت لأن البائع لا يترك من ثمن الميت ما أقرّ به المشتري إنما يترك دعوى الزيادة] (١٤).


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٦/ ٥١٥ - ٥١٧).
(٢) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٦).
(٣) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٨)؛ للإمام أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُورِي (ت ٤٢٨ هـ).
(٤) يُنْظَر: العناية شرح الهداية؛ للبابرتي (٨/ ٢٣٠).
(٥) يُنْظَر: الجامع الصغير مع شرحه النافع الكبير (١/ ٣٣٩).
(٦) الإمام شيخ الاسلام أبي بكر محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن البخاري المعروف ببكر خُوَاهَرْ زَادَه، وكان من عظماء ماوراء النهر، قال السمعاني: كان إماما فاضلا حنفيا وله طريقة حسنة مفيدة جمع فيها من كل فن وكان يحفظها، وله كتاب المبسوط. (ت ٤٨٣ هـ). يُنْظَر: تاج التراجم (١/ ٢٥٩)، الجواهر المضية (٢/ ٤٩).
(٧) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٢٠٩).
(٨) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (١/ ٣٤٠).
(٩) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٦/ ٥١٦)، المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٨).
(١٠) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين (٧/ ٤٧٤).
(١١) [ساقط] من (ج).
(١٢) [ساقط] من (ج).
(١٣) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣٠٩).
(١٤) [ساقط] من (ج).