للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى قوله: (لا يأخذ شيئاً) (١) أي: لا يأخذ من الزيادة التي يدّعيها شيئاً وعلى هذا التقدير يكون الاستثناء منصرفاً إلى يمين المشتري ومن أصحابنا من قال (٢): الاستثناء ينصرف إلى التحالف؛ لأن البائع إذا رضي أن لا يأخذ شيئاً [سوى] (٣) الحي يتحالفان وهو ليس بصحيح لما بيّنا ولأنّ المذكور استحلاف المشتري لا ترك التحالف والاستثناء ينصرف إلى المذكور لا إلى غير المذكور ولأَبِي حَنِيفَةَ (٤) -رحمه الله- أن التحالف على خلاف القياس إلى أن قال: (ولأنه لا يمكن التحالف في القائم إلا على اعتبار حصته من الثمن) إلى آخره (٥).

فإن قلت: ما الفرق لأَبِي حَنِيفَةَ (٦) -رحمه الله- بين هذه المسألة وبين مسألة الإجارة فيما إذا أقام القصار بعض العمل في الثوب ثُمَّ وقع الاختلاف بين القصّار وبين رب الثوب في مقدار الأجرة ففي حصة ما أقام العمل القول قول رب الثوب مع يمينه وفي حصّة ما بقي يتحالفان بالإجماع (٧) اعتباراً للبعض بالكل فكان استيفاء بعض المنفعة بمنزلة هلاك أحد العبدين من حيث أن بالهلاك والاستيفاء لا يبقى التحالف ثم في هلاك بعض المبيع لا يبقى التحالف عنده وفي استيفاء بعض المنفعة يبقى التحالف في حق ما لم يستوف (٨).

قلت: الفرق بينهما من حيث أن عقد البيع في العبدين عقد واحد فإذا تعذّر فسخه في البعض بالهلاك تعذّر في الباقي.

[وأمّا عقد الإجارة في حكم عقود متفرقة يتجدّد انعقاده بحسب ما هو يقيم من العمل فبأن تعذّر فسخه في البعض لا يتعذّر فسخه في الباقي] (٩) هكذا ذكر في بَابِ الرجل يستصنع الشيء من إجارات المَبْسُوط (١٠) معناه لا يأخذ من ثمن الهالك شيئاً أصلاً وعلى هذا التقدير ينصرف الاستثناء إلى التحالف وعلى قول هؤلاء ينصرف الاستثناء إلى يمين المشتري لا إلى التحالف لأنّه إذا ترك البائع دعوى الزيادة وأخذ الحي ورضي به المشتري فلا حاجة إلى استحلاف المشتري على ما ذكرنا من الجامع الكشاني (١١) -رحمه الله- ثُمَّ تفسير التحالف على قول مُحَمَّد -رحمه الله- ما بيّناه.


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٣).
(٢) يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٤/ ٣٣).
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) يُنْظَر: البحر الرائق (٦/ ٩١).
(٥) (فلا بد من القسمة على القيمة وهي تعرف بالحزر والظن فيؤدي إلى التحالف مع الجهل وذلك لا يجوز إلا أن يرضى البائع أن يترك حصة الهالك أصلا لأنه حينئذ يكون الثمن كله بمقابلة القائم ويخرج الهالك عن العقد فيتحالفان) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٦٣).
(٦) يُنْظَر: فتح القدير (٦/ ٤٣٩).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية؛ للبابرتي (٨/ ٢٣٢ - ٢٣٣).
(٨) يُنْظَر: نتائج الافكار (٨/ ٢٣٠).
(٩) [ساقط] من (ج).
(١٠) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٥/ ٢٤٧).
(١١) يُنْظَر: تبيين الحقائق؛ للزيلعي (٤/ ٣٠٩).