للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَمَنْ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ وَهُوَ مُقِيمٌ فَسَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَسَحَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا) عَمَلاً بِإِطْلاقِ الْحَدِيثِ، وَلأنَّهُ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْوَقْتِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ آخِرَهُ، بِخِلافِ مَا إذَا اسْتَكْمَلَ الْمُدَّةَ لِلإقَامَةِ ثُمَّ سَافَرَ لأنَّ الْحَدَثَ قَدْ سَرَى إلَى الْقَدَمِ وَالْخُفُّ لَيْسَ بِرَافِعٍ (وَلَوْ أَقَامَ وَهُوَ مُسَافِرٌ إنْ اسْتَكْمَلَ مُدَّةَ الإقَامَةِ نَزَعَ) لأنَّ رُخْصَةَ السَّفَرِ لا تَبْقَى بِدُونِهِ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْ أَتَمَّهَا) لأنَّ هَذِهِ مُدَّةُ الإقَامَةِ وَهُوَ مُقِيمٌ.

قوله: (ومن ابتدأ المسح وهو مقيم) هذا لا يخلو من ثلاثة أوجه: في [وجه] (١) تتحول مدته إلى مدة السفر بالاتفاق، وهو أنه إذا سافر قبل أن تنتقض الطهارة [التي] (٢) لبس عليها الخفين وانتقضت الطهارة وهو مسافر فإنه تتحول مدته إلى مدة السفر بالاتفاق، وفي وجه: لا تتحول إلى مدة السفر بالاتفاق وهو أنه إذا سافر بعد ما أحدث، وبعد ما استكمل مدة المقيم.

وفي وجه اختلفوا فيه:/ ٢٥/ أ/ وهو أنه إذا سافر بعد ما أحدث قبل استكمال مدة المقيم فإنه يتحول مدته إلى مدة السفر عندنا، وعند الشافعي لا يتحول. كذا في «شرح الطحاوي» (٣).

وقال الشافعي (٤) -رحمه الله-: أتم مدة المقيم لأن المسح عبادة فإذا شرع فيها على حكم الإقامة لم يتغير بالسفر [كالصوم يشرع فيه ثم يسافر، وكالصلاة يشرع] (٥) فيها في سفينة في المصر ثم تسير فيصير مسافرًا في صلاته وصلاته لا تتغير؛ لأن حال الإقامة حال عزيمة وحال السفر حال رخصة، فإذا اجتمعتا في عبادة غلبت العزيمة الرخصة فإنا نقول: إنه سافر والمدة باقية [فيتغير] (٦) إلى مدة السفر قياسًا على ما لو لم يكن أحدث أو أحدث ولم يمسح فإنه يتغير إلى مدة السفر، وهذا لأن السبب إذا وجد يثبت حكمه إلا لمانع، ولا مانع ها هنا فتغير إلى مدة السفر كما لو أحدث ولم يمسح بخلاف ما لو سافر بعد استكمال المدة [لأن] (٧) السفر وجد بعد ما سرى الحدث إلى القدمين، وليس كالصلاة والصوم؛ لأن الصلاة الواحدة والصوم الواحد مما لا يتجزأ، فاعتبار الإقامة في أوله لا يبيح الفطر، واعتبار السفر في آخره يبيح فيترجح جانب الحرمة، وكذلك في الصلاة حيث [يرجح] (٨) جانب الإقامة للاحتياط لما أنهما لا يتجزئان فيُغلب جانب التكميل.


(١) في (ب): «قول».
(٢) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٣) لم أجده فيما أطلعت عليه من كتب الحنفية إلا في: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ٥١) قال: هذه المسألة على ثلاثة أوجه: وجه يتحول مدته إلى مدة السفر بالاتفاق وهو لوسافر قبل انتقاض الطهارة. ووجه: لا يتحول إليها بالاتقان وهو لو سافر بعد استكمال مدة الإقامة. ووجه: اختلف فيه وهو ما لو سافر بعد الحدث قبل استكمال المدة. أ هـ. وانظر: الهداية (١/ ٢٩)، المبسوط (١/ ١٠٣)، مجمع الأنهر (١/ ٤٨).
(٤) انظر: في مذهب الشافعي: في هذه المسألة: الأم (١/ ٣٥)، الوسيط للغزالي (١/ ٤٦٨)، روضة الطالبين (١/ ١٣١).
(٥) في (ب): «كصوم شرع فيه ثم سافر وكالصلاة شرع».
(٦) في (ب): «فتتغير».
(٧) في (أ): «أن» والتصويب من (ب).
(٨) في (ب): «ترجح».