للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: البناء لفلان والأرض لآخر فكان كما قال حتى كان البناء للأول والأرض للثاني ولم يقل هناك الإقرار بالأرض إقرار بالبناء فما هو وجه الفرق بينهما؟ قلت: الفرق بينهما من حيث أن أول كلامه فيها أوردت إقرار معتبر بالبناء فهب كان آخر كلامه إقرار بالأرض والبناء ولكن إقراره فيما صار مستحقًا لغيره لا يصح فكان للثاني الأرض خاصة وأما فيما نحن فيه فآخر كلامه إقرار بالأرض والبناء وهي جميعًا ملكه فصح إقراره بهما للمقر له؛ وذلك لأن أول كلامه وهو (قوله: بناء هذه الدار لي) (١) يخر معتبر؛ لأنه قد كان له ذلك قبل أن يذكره فبقي قوله: وأرضها لفلان والإقرار بالأصل يوجب ثبوت حق المقر له في التبع. كما لو قال: أرض هذه الدار لفلان. استحق فلان الأرض والبناء جميعًا يوضح الفرق بينهما: أن البناء في ملك المسألة لما صار للمقر له الأول خرج من أن يكون تبعًا للأرض حكمًا فإقراره بالأرض للثاني بعد ذلك لا يتعدى إلى البناء. وفي مسألتنا: البناء باقٍ على ملكه فكان تبعًا للأرض فإقراره بالأرض يثبت الحق للمقر له في البناء تبعًا كذا في المبسوط (٢). وذكر في الذخيرة (٣): واعلم بأن هذا الجنس خمس مسائل، وتخريجها على أصلين، أحدهما: أن الدعوى قبل الإقرار لا تمنع صحة الإقرار بعده والدعوى بعد الإقرار في بعض ما دخل تحت الإقرار لا تصح، والثاني: أن إقرار الإنسان حجة على نفسه وليس بحجة على غيره إذا عرفنا هذا، فنقول: إذا (قال بناء هذه الدار لي) وأرضها لفلان إنما كانت الأرض والبناء لفلان؛ لأن بقوله البناء لي ادعى البناء وبقوله الأرض لفلان أقرَّ لفلان بالبناء تبعًا للإقرار بالأرض والإقرار بعد الدعوى صحيح وإذا قال: أرضها لي وبناؤها لفلان فهو على ما أقرَّ المقر؛ لأنه بقوله أرضها لي ادعى البناء لنفسه


(١) ساقطة من (أ).
(٢) يُنْظَر: المبسوط للسرخسري ١٨/ ٧٦.
(٣) يُنْظَر: رد المحتار ٥/ ٦٠٧.