للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غرماء الصحة دينه ثم مات لم يُسَلِّم المقبوض للقابض بل يكون ذلك بين الغرماء بالحصص عندنا. وقال الشافعي (١) رحمه الله (٢) المقبوض سالم للقابض وهو بناء على أصله أن بسبب المرض لا يلحقه الحجر عن السعي في فكاك رقبته. وقضاء الدين سعي منه في فكاك رقبته فكان فعله في المرض والصحة سواء؛ وهذا؛ لأنه ناظر لنفسه فيما تصنع فإنه قضى دين من كان حاجته أظهر ومن يخاف أن لا يسامحه بالإبراء بعد موته بل يخاصمه في الآخرة وتصرفه على وجه النظر منه لنفسه يكون صحيحًا فلا يرد. ولنا أن حق الغرماء تعلق بماله بالمرض وهو بقضاء دين بعضهم مبطل حق سائر الغرماء عما دفعه إلى هذا وهو لا يملك إبطال حق الغرماء عن شيء مما تعلق به حقهم كما لو وهب شيئًا.

(وغرماء الصحة والمرض في ذلك سواء): أي: وغرماء الصحة وغرماء المرض الذين كانوا غرماء في المعروفة الأسباب سواء في عدم جواز إيثار البعض على البعض بقضاء الدين.

(إلا إذا قضى ما استقرض في مرضه) إلى آخره، هذا استثناء من قوله: (ولا يجوز للمريض أن يقضي دين بعض الغرماء). وقوله: (في مرضه): متعلق بالفعلين جميعًا. أعني: قضى واستقرض يعني: إلا إذا قضى في مرضه ما استقرض في مرضه.

وكذلك قوله: (أو نقد ثمن ما اشترى في مرضه): أي: نقد في مرضه ثمن ما اشترى في مرضه. فحينئذ يجوز للمريض أن يخص المقرض والبائع بقضاء دينهما دون غيرهما؛ وليس لغيرهم أن يشاركهما فيما قضى لهما من الدين وإنما كان هكذا؛ لأن حق الغرماء متعلق بمالية


(١) يُنْظَر: الحاوي الكبير (٧/ ٢٩).
(٢) ساقطة من (ب).