للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: يشكل على هذا جواز إذن المأذون لعبده فإن المولى إذا أذن لعبده في التجارة واشترى عبده المأذون له عبدًا فأذن له بالتجارة فإنه يجوز سواء كان عليه دين أو لم يكن.

والإذن مثل الإذن. ومع ذلك يضمنه هناك والرواية في شرح الطحاوي والذخيرة (١) والإيضاح (٢).

وكذلك يشكل على هذا أيضًا جواز الكتابة للمكاتب والإجارة للمستأجر والإعارة للمستعير فإنه يجوز للمكاتب أن يكاتب عبده، وللمستأجر أن يؤاجر، وللمستعير أن يعير فيما لا يختلف باختلاف المستعمل وهذه الأشياء كلها أمثال لما يجانسها وقد تضمنت أمثالها فما وجهه؟ قلت: أما على رواية شرح الطحاوي فلا يشكل، لأنه قال: والأصل أن الشيء يتضمن ما هو مثله أو دونه ولا يتضمن ما هو فوقه فتضمَّنَ الإذنُ الإذنَ والكتابةُ الكتابةَ وكذا في غيرها؛ لأنه مثله، وأما على هذه الرواية: فإنما افترقت المضاربة والإذن في التجارة من حيث تضمن الأمانة وعدم تضمنها فإن أول العقود التي تضمنها المضاربة الأمانة وليس للمودع أن يودع إلى آخر إلا بإذن المالك. فكذلك ليس للمضارب أن يضارب إلا بإذن المالك ولا كذلك إذن العبد في التجارة، لأن الثابت بالإذن في التجارة فك الحجر عن التجارة، ثم العبد بعد ذلك يتصرف بحكم المالكية الأصلية وعن هذا قلنا: أن الإذن بالتجارة لا يتخصص بنوع دون نوع بل الإذن في نوع يكون إذنًا في الأنواع كلها، وكذلك لا يتخصص بمكان دون مكان ولا بزمان دون زمان بل تعم (٣) الأماكن والأزمان كلها. ولما كان كذلك كان فك الحجر عن التجارة بمنزلة إسقاط الملك عن العبد بالإعتاق، لأن فك الحجر عبارة عن إسقاطه ثم المعتق يعتق عبده فكذلك المأذون بإذن عبده وأما المضاربة: ففيها معنى الوديعة والوكالة كما أن المودع لا يودع


(١) يُنْظَر: البناية شرح الهداية ١٠/ ٥٢.
(٢) يُنْظَر: تبيين الحقائق ٥/ ٥٩.
(٣) في (ب): يعم.