للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: ما جوابها عما لو قال محمد -رحمه الله-: وهذا القول منهم، وهو أن المستحق بالتدبير لا يرد عليه عقد الكتابة غير مستقيم؛ لأن المدبر إذا كوتب، ثم أدى جميع بدل كتابته في حياته يعتق عليه، ولو كان المستحق بالتدبير إن لم يرد عليه الكتابة لما عتق بالأداء؛ لأنه حينئذ يكون عقد الكتابة باطلا، وفيه لا يعتق المكاتب وإن أدى، كما لو كاتبه على ثوب، أو ميتة، فأدى الثوب، أو الميتة، فإنه لا يعتق، ولأن استحقاق المدبر ثلثه بالتدبير، كاستحقاق أم الولد جميعها بالاستيلاء، ثم لو كانت أم ولده صحت الكتابة، ووجب المال فعرفنا أن هذا الاستحقاق لا يمنع ورود عقد الكتابة عليه.

قلت: هما [بقولان] (١) كتابة المدبر، وأم الولد، إنما صحت قبل الموت؛ لأن الاستحقاق غير متعدد لجواز أن [يموتا] (٢) قبل موت المولى.

[وأما إذا مات المولى] (٣) والمدبر يخرج من الثلث فقد بطلت الكتابة وكذلك في أم الولد لأنه إذا مات المولى فقد تقرر استحقاقها جميع نفسها فبطلت الكتابة فعلم بهذا أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير وذلك لأنه موجب الكتابة ثبوت ما لم يكن ثابتا في المكاتب، والبدل بمقابلة ذلك لا بمقابلة ما هو ثابت؛ لأن التدبير موجب استحقاق شيء لها، فلا يتصور استحقاق ذلك ثابتا بالكتابة فمن ضرورة ذلك كان البدل بمقابلة ما للمدبر وراء ذلك، كما في مسألة الطلاق المذكورة في الكتاب (٤)، وإذا ثبت أن بدل الكتابة بمقابلة ما وراء المستحق بالتدبير وشيء من ذلك لم يسلم للمدبر بموت المولى فلا يسقط عنه شيء من بدل الكتابة؛ لأن البدل مقابل بالكل إذ لا استحقاق عنده، أي عند


(١) في (أ) لقولان وفي (ب) بقولان والأولى ما ذكر في (ب).
(٢) في (ب) يكونا.
(٣) ساقطة من (ب).
(٤) أن التدبير يوجب استحقاق شيء له فلا يتصور استحقاق ذلك بالكتابة ليكون البدل بمقابلته بل بمقابلة ما وراء ذلك، بمنزلة ما لو طلق امرأته اثنتين ثم طلقها ثلاثا بألف كان الألف كلها بإزاء التطليقة الثالثة.
انظر: المبسوط (٧/ ١٩٥).