للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقد الكتابة، فإذا (١) عتق بعض الرقبة بعد ذلك بالتدبير سقط بحصته من بدل الكتابة، وإن دبر مكاتبه صح، وكذلك الحكم في تدبيره مكاتبته، لكن ذكر لفظ التأنيث لما ذكرنا من المناسبة، فإن شاءت عجزت نفسها، وصارت مدبرة، وهذا فصل اختلف المشايخ فيه، وهو أن المكاتب إذا أراد أن يعجز نفسه، فقال المولى: لا أعجزك، هل يفسخ الكتابة.

روى عن الفقيه أبي بكر البلخي (٢) أنه قال: سمعت أبا نصر محمد بن سلمه (٣) -رحمه الله- أنه قال: إذا رأى المولى إن يعجزه فله ذلك، ولا تنفسخ الكتابة بتعجيزه، [فكان] (٤) يقول المولى يقول له: إن أعجزتك على أن أستكسبك و أشغلك بالكسب، ويكون الكسب لي خاصة، ولي أن لا أعجزك، وأستكسبك فيكون الكسب لي ولذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي -رحمه الله-: وإنه خلاف ما ذكره أصحابنا (٥) في كتبهم (٦)، فإنهم قالوا للعبد: أن يعجز نفسه؛ وذلك لأن النفقة بعد التعجيز، وفسخ الكتابة تكون على المولى، وكذلك جنايته على المولى، وفي حال الكتابة كل ذلك على العبد، فللعبد أن يعجز نفسه، ويفسخ الكتابة؛ حتى لا يلزمه ذلك، والحاصل أن الكتابة من جانب المكاتب على قول محمد بن سلمه لازمة، وعلى ما يقول أصحابنا في كتبهم غير لازمة.


(١) في (ب) وإن.
(٢) محمد بن أحمد أبو بكر الإسكاف البلخي إمام كبير جليل القدر أستاذ أبي جعفر الفقيه الهندواني وأبو بكر الأعمش محمد بن سعيد وبه انتفع وعليه تخرج ويأتي تمام ترجمته في الكنى رحمه الله تعالى.
انظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (٢/ ٢٨).
(٣) محمد بن سلمة ويكنى أبا عبد الله. مولى لباهلة. وكان يسكن حران. وكان صدوقا ثقة إن شاء الله. وكان له فضل ورواية وفتوى. مات في آخر سنة إحدى وتسعين ومائة في خلافة هارون.
انظر: الطبقات الكبرى (٧/ ٣٣٦).
(٤) في (ب) وكان.
(٥) سبق العزو إليه.
(٦) انظر: المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٤/ ١٠٥).