للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المأمور، أو عن الآمر، ووقوعه عن المالك أصل، وعن غيره عارض، وإذا وقع العتق عن المأمور لم يجب المال على الآمر؛ لأن الولاء يثبت للمعتق فهو المنتفع بملك نفسه، فلا يستوجب البدل على غيره.

وفي الوجه الثاني: إذا أعتقه المأمور يقع العتق عن الآمر، ويلزمه المال عند علمائنا الثلاثة (١) استحسانا، كأنه قال للمولى: بعه مني بألف، ثم كن وكيلي بإعتاقه بخلاف ما لو قال: كاتب عبدك عني بألف درهم مكاتب، فإن الكتابة لا يقع عن الآمر، ولا يثبت البيع لسبب هذا الأمر.

والفرق أن العتق أقوى من الملك من حيث أن الملك يحتمل النقض بعد ثبوته، والعتق لا يحتمل، فيكن إثبات الملك تبعا [للعين] (٢)؛ لأن الأعلى يستتبع الأدنى، فإما الملك والكتابة فيستويان من حيث أن كل واحد منهما يحمل النقض بعد ثبوته، ثم الملك يترجح عليه؛ [لأنه] (٣) يملك بحقيقة الملك من التصرف ما لا يملك بالكتابة، فكان الملك فوق الكتابة، ومن ضرورته تعدد إثبات الملك للآمر تبعا للكتابة؛ لأن الأدنى لا يستتبع الأعلى، وفي الوجه [الثاني] (٤) ذكر شمس الأئمة السرخسي (٥) -رحمه الله- والصدر الشهيد (٦) في شرح العتاق من هذا الكتاب (أن رجلا لو قال لغيره: أعتق أمتك على ألف درهم علي) وأعتقها (٧) لم يلزمه شيء من المال؛ لأن الولاء لا يثبت للمأمور، فهو المنتفع بملكه، فلا يستوجب البدل على غيره.


(١) المقصود بالثلاثة أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
انظر: البناية شرح الهداية (١/ ٦٨٠).
(٢) في (ب) للعتق.
(٣) في (ب) لا.
(٤) في (ب) الثالث.
(٥) انظر: المبسوط للسرخسي (٨/ ٩٩).
(٦) انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣١٢)، الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير (ص: ٢٥٢).
(٧) وهذا هو الوجه الثالث.