للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من يقول: لا نجعله حرا بعد الموت، ولكنا نسند حريته إلى حال حياته؛ لأن بدل الكتابة كان في ذمته والدين بالموت يتحول من الذمة إلى التركة؛ لأن الذمة لا تبقى محلا صالحا للدين بعد الموت، ولهذا حل الأجل بالموت. وإذا تحول بدل الكتابة إلى التركة فرغت الذمة منه، وفراغ ذمة المكاتب [من حيث حريته] (١).

إلا أنه لا يجوز الحكم بحريته [ما لم يصل المال إلى المولى، فإذا وصل المال إلى المولى حكم بحريته] (٢) في آخر جزء من أجزاء حياته فإن قيل: لو قذفه قاذف بعد أداء بدل الكتابة فإنه لا يحد قاذفه عندكم، ولو حكم بحريته في حال حياته لحد قاذفه.

قلنا: هذا شيء نثبته حكما للاستحقاق الثابت بالكتابة، ولتحقق الضرورة فيه، والثابت بالضرورة لا يعدوا موضعها فلا يظهر به حريته مطلقا في حال الحياة (٣)، ولا يصير محصنا باعتبار حرية ثبتت باعتبار الضرورة، والحد لا يجب بقذف غير المحصن، مع


(١) الصحيح موجبة حريته كما في المبسوط.
انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٢٠٩).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) القاعدة: الثابت بالضرورة
ألفاظ ورود القاعدة: الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة أو مواضعها.
وفي لفظ: الثابت بالضرورة يتقدر بقدرها.
وفي لفظ: الثابت بالضرورة يتقدر بقدر الضرورة.
وفي لفظ: ما ثبت لعذر يزول بزواله. أو ما جاز لعذر بطل بزواله. وتأتي في حرف الميم إن شاء الله.
معنى هذه القواعد ومدلولها:
فمفاد هذه القاعدة: أنه إذا كانت الحاجة -وهي أدنى من الضرورة- تقدر بقدرها وتزول بزوالها فبطريق أولوي أن الثابت بالضرورة يقدر بقدرها ويزول بزوالها.
من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:
إن المضطر يأكل من الميتة بقدر سد رمقه أي بمقدار ما يدفع عن نفسه خطر الهلاك جوعًا.
ومنها: أن الطبيب ينظر من العورة بقدر الحاجة.
انظر: موسوعة القواعد الفقهية (٢/ ٥٤٣)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ٢٨١).
انظر: المبسوط للسرخسي (٧/ ٢٠٩).