للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«لا يباع، ولا يوهب» أي لا يباع الولاء، ولا يوهب، وبهذا نأخذ دون ما روى عن سليمان بن يسار (١): «أنه كان مولى لميمونة بنت الحارث (٢)، فوهبت ولاه لابن عباس» (٣)؛ وهذا لأن الهبة عقد تمليك فيستدعي شيئا مملوكا يضاف إليه عقد الهبة؛ ليصبح التمليك وليس للمعتق على معتقه شيء مملوك، وعلى هذا لو تصدق بولاء العتاقة، [أو] (٤) أوصى به لإنسان فهو باطل.

وكذلك لو باع فهو باطل لما قلنا؛ ولأن البيع يستدعي مالا متقوما، والولاء ليس بمال متقوم، [وكذلك] (٥) لا يورث الولاء في نفسه ولكن يورث به كالنسب، والإرث قد يثبت فيما لا يحتمل البيع، والهبة، كالقصاص.

وإذا كان الولاء لا يورث [فلأن لا] (٦) يتحقق فيه البيع، والهبة أولى وكان شريح رحمه الله يقول: «الولاء بمنزلة المال» (٧)، ولسنا نأخذ بهذا.


(١) هو: أبو عبد الله ويقال أبو أيوب، ويقال أبو عبد الرحمن سليمان بن يسار الهلالي المدني، مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخو عطاء، وعبد الملك، وعبد الله، سمع ابن عباس، وأبا هريرة، وأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابن شهاب، وعمرو بن دينار، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
انظر: تاريخ دمشق لابن عساكر (٧٢/ ٢٢٩)، تهذيب الكمال في أسماء الرجال (١٢/ ١٠٠)، تهذيب التهذيب (٤/ ٢٢٨).
(٢) هي ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية، أخت أم الفضل زوجة العباس، وخالة عبد الله بن العباس، وخالة خالد بن الوليد، تزوجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- توفيت -رضي الله عنها- في عام إحدى وخمسين، ولها ثمانون عاما.
انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٩١٧)، و"الإصابة" لابن حجر (٨/ ٣٢٢).
(٣) حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبا.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١) (١/ ١١٧) كتاب البيع باب النهي عن بيع الولاء رقم ٢٨٠، وابن أبي شيبة في مصنفه (٦/ ٢٩٩) كتاب البيع من رخص في هبة الولاء رقم ٣١٦١٧.
(٤) في (ب) أي.
(٥) في (ب) ولذلك.
(٦) في (ب) فلا.
(٧) حدثنا هشيم قال أخبرنا أبو إسحاق الشيباني عن الشعبي عن شريح أنه كان يقول الولاء بمنزلة المال.
أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١) (١/ ١١٤) كتاب البيع باب الرجل يعتق فيموت ويترك ورثة ثم يموت المعتق رقم ٢٦٨، وابن أبي شيبة في مصنفه (٦/ ٢٩١) كتاب الميراث رجل مات وترك ابنه وأباه ومولاه ثم مات المولى وترك مالا رقم ٣١٥٣٠.