للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنذر بمنزلة اليمين في هذا المعنى (١) وقال -عليه السلام-: «النذر يمين» (٢)، ([فلا] (٣) رجوع على المكره بما لزمه) لأن التزامه لا يصير منسوبا إلى المكره وإنما ينسب إليه التلف الحاصل به ولا يتلف على شيء بهذا الالتزام ثم المكره إنما ألزمه شيئا يؤمر بالوفاء به فيما بينه وبين ربه من غير أن يجبر عليه في الحكم، ولو ضمن له شيئا كان يجبر على إيفاء ما ضمن في الحكم فيودي إلى أن يلزمه أكثر مما يلزم المكره وذلك لا يجوز (وكذا اليمين والظهار).

وأما اليمين فقد ذكرناها، وأما الظهار فإنه إذا أكرهه على أن يظاهر من امرأته فظاهر كان مظاهرا لأن الظهار من أسباب التحريم يستوي فيه الجد والهزل، وقد كان طلاقا في الجاهلية فأوجب الشرع به حرمة مؤقتة بالكفارة.

فكما أن الإكراه لا يؤثر في الطلاق فكذلك في الظهار فإن أكرهه على أن يكفر ففعل (٤) لم يرجع بذلك على الذي أكرهه؛ لأنه أمره بالخروج عن حق لزمه، وذلك منه حسنة لا إتلاف شيء عليه بغير حق، وإن أكرهه على عتق عبد بعينه عن ظهار ففعل عتق، وعلى المكره قيمته، لأنه صار متلفا عليه مالية العبد بإكراهه على إبطاله، ولم يكن عتق هذا العبد بعينه مستحقا بل المستحق عليه، كان واجبا في ذمته يؤمر بالخروج عنه فيما بينه، وبين ربه، وذلك في حكم [العين] (٥) كالمعدوم، فلهذا


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٠٦).
(٢) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال ثنا بن لهيعة قال ثنا كعب بن علقمة قال سمعت عبد الرحمن بن شماسة يقول أتينا أبا الخير فقال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما النذر يمين كفارتها كفارة اليمين.
أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ١٤٨ حديث رقم ١٧٣٧٨، وأبي يعلى في مسنده ٣/ ٢٨٣ حديث رقم ١٧٤٤، والطبراني في المعجم الكبير ١٧/ ٣١٣ حديث رقم ٨٦٦.
(٣) في (ب) ولا.
(٤) في (أ) يكفر وفي (ب) عتق وعلى المكره قيمته ففعل والصحيح أنها غير موجوده كما في المبسوط.
(٥) في (ب) الغير.