للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعلم أن السفيه غير المعتوه، فإن المعتوه هو ناقص العقل، والسفيه هو كامل العقل، إلا أنه لا يجرى على موجب عقله.

وقال في المبسوط (١): السفه هو العمل بخلاف موجب الشرع، وهو إتباع الهوى، وترك ما يدل عليه العقل، [والحجي] (٢) وأصل المسامحة في التصرفات، والبر والإحسان مندوب إليه شرعا، ولكن بطريق السفه، والتبذير مذموم شرعا، وعرفا. ولهذا لا تنعدم الأهلية (٣) بسبب السفه، ولا يجوز (٤) السفه عذرا في إسقاط الخطاب عنه بشيء من الشرائع، ولا في إهدار عبارته فيما يقر به على نفسه من الأسباب الموجب للعقوبة فيما لا عرض له فيه، ولا مصلحة نحو أن يلقيه في البحر، أو يحرقه بالنار.

(وقال أبو يوسف، ومحمد -رحمهما الله-: وهو قول الشافعي -رحمه الله- يحجر على السفيه (٥)، ويمنع من التصرف في ماله (انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٣٥٤).».


(١) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥٧).
(٢) في (ب) الحجر.
(٣) الأهلية لغة: مؤنث الأهلي والأهلية للأمر الصلاحية له والأهلي المنسوب إلى الأهل والأليف من الحيوان.
انظر: المعجم الوسيط (١/ ٣٢).
اصطلاحا: نوعان أهلية الوجوب، وأهلية الأداء.
فأهلية الوجوب هي: صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه.
وأهلية الأداء هي: صلاحية الإنسان لصدور الفعل منه على وجه يعتد به شرعا.
انظر: التلويح على التوضيح ٢/ ١٦١، التقرير والتجبير ٣/ ١٦٤.
(٤) في (ب) يجعل وهو الصحيح كما في المبسوط.
(٥) أما السفيه عند الشافعية ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه الجاهل بالصواب فيما له وعليه، وهذا قول مجاهد.
والثاني: أنه المبذر لماله المفسد له في الجهات المحرمة وهذا أصح وإليه ذهب الشافعي لأنه أليق بمعنى اللفظ.
دليلهم: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢]
انظر: الحاوي الكبير (٦/ ٣٤٠).